والرشيد كهاتين - وحرك إصبعيه الوسطى والسبابة - فما علم معنى قوله: أنا والرشيد كهاتين حتى دفن بجنبه فصار قبراهما واحد بجنب الآخر. فلما كان يوم من الأيام دخل علي الرضا على المأمون وعنده زينب الكذابة التي كانت تزعم أنها ابنة علي ابن أبي طالب وأن عليا دعا لها بالبقاء إلى يوم الساعة. فقال المأمون لعلي: سلم على أختك. فقال: والله ما هي أختي ولا ولدها علي بن أبي طالب. فقالت زينب: والله ما هو أخي ولا ولده علي بن أبي طالب. فقال المأمون: ما مصداق قولك هذا؟ قال: إنا أهل البيت لحومنا محرمة على السباع فاطرحها إلى السباع، فإن تك صادقة فإن السباع تغب لحمها قالت زينب: ابدأ بالشيخ. فقال: المأمون: لقد أنصفت. قال الرضا:
أجل ففتحت بركة السباع وأضربت فنزل الرضا إليها، فلما أن رأته بصبصت وأومأت إليه بالسجود فصلى ما بينها ركعتين وخرج منها، فأمر المأمون زينب لتنزل وامتنعت فطرحت إلى السباع فأكلتها. فحسد المأمون علي الرضا على ذلك.
وقال أيضا في ص 209: فلما كان بعد مدة دخل الرضا على المأمون فوجد فيه هما، فقال له: أرى فيك هما؟ فقال المأمون: نعم بالباب بدوي قد دفع إلي منه سبع شعرات يزعم أنهن من لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد طلب الجائزة، فإن يك صادقا ومنعته الجائرة قد بخست شرفي، وإن يك كاذبا فأعطه الجائزة فقد سخر بي وما أدري ما أعمل؟ قال الرضا عليه السلام: علي بالشعر فلما رآه شمه قوال: هذه أربع من لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما الباقي فليس من لحيته صلى الله عليه وسلم. فقال المأمون: ومن أين هذا؟ فقال: النار والشعر. فألقي الشعر في النار فاحترقت ثلاث شعرات، وبقيت الأربعة التي أخرجها علي بن موسى الرضا ولم يكن للنار عليها سبيل. فقال المأمون: علي بالبدوي. فلما مثل بين يديه أمر بضرب عنقه فقال البدوي: بماذا؟ فقال: تصدق عن الشعر. قال: أربعة من لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم وثلاث من لحيتي. فتمكن حسد المأمون في قلبه للرضا، فنفاه إلى طوس ثم سقاه سما فمات علي الرضا مسموما وقد كمل عمره ثمان