وتفند الدكتورة سعاد ماهر الآراء التي قيلت، من الناحية الأثرية، من خلال كتابيها مخلفات الرسول في المشهد الحسيني ومساجد مصر: فعن القول بوجود الرأس في المدينة المنورة، هناك ما ينقضه الدليل المادي الذي ذكره المسعودي، وهو أنه كان يوجد حتى القرن الرابع الهجري شاهد مكتوب عليه العبارة الآتية: الحمد لله مميت الأمم ومحيي الأمم هذا قبر فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، سيدة نساء العالمين، والحسن بن علي بن أبي طالب، وعلي بن الحسين بن علي، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، رضوان الله عليهم أجمعين.
فلو أن الرأس كان مدفونا في البقيع، لما أغفل ذكر اسم سيد الشهداء. وهذا النص منقول من كتاب الأشراف والتنبيه للمسعودي عن ابن كثير في البداية والنهاية.
أما قول غالبية الشيعة الإمامية (الاثنا عشرية)، بأن الرأس مدفون مع الجسد في كربلاء، فهو لا تؤيده مراجعة الحوادث. فمن المستبعد عقلا، أن يعيد يزيد بن معاوية الرأس إلى كربلاء، حتى لا يزيد النار اشتعالا، وهو يعلم بأنها مركز الشيعة والمتشيعين للإمام الحسين، والمؤيدين لمذهبه. هذا بالإضافة إلى ما جاء في أحداث سنة 236 ه من أن الخليفة المتوكل أمر (النويريج) بالمسير إلى قبر الحسين وهدمه. فتناول النويريج مسماة وهدم أعلى قبر الحسين وانتهى هو ومن معه إلى الحفر أو موضع اللحد، فلم يروا أثرا للرأس. ولا يمكن أن يتصور أحد أن الرأس قد بلى في ذلك الوقت المبكر، إذا عرف أن أرض كربلاء رملية تحتفظ بالعظام مئات السنين.
أما الرأي الذي يقول إن الرأس موجود في رباط مرو بخراسان. فهو منقوض من أساسه، لأن أبا مسلم الخراساني، الذي قيل إنه نقل الرأس من دمشق، لما استولى عليها، وبنى عليها الرباط بمرو، لم يكن أبو مسلم موجودا بالشام وقت فتحها أيام العباسيين، ثم إن العباسيين لو ظفروا لأظهروه للناس.
وأقرب الآراء، أن الرأس وضع أول الأمر في خزائن السلام بدمشق، ثم دفن في عسقلان على البحر، وحين استولى الفرنجة على عسقلان تقدم الصالح طلائع ابن