وعندنا في دمشق الشام مزار داخل باب الفراديس يقال له مشهد الحسين ويسمى مسجد الرأس وهو معروف الآن وهو مشهد حافل عليه جلالة وهيبة وله وقف على مصالحه وهذا المشهد يقصده الناس للزيارة والدعاء والتبرك والتماس الحوائج وهو في غاية القبول كذا ذكره ابن الحوراني في الزيارات وفي مصر أيضا مشهد يسمى مشهد الحسين عليه السلام.
ومنهم الشريف علي فكري الحسيني القاهري في (أحسن القصص) (ج 4 ص 255 ط بيروت) قال:
اختار الله تعالى للإمام الحسين رضي الله عنه ما عنده، فقربه إليه، ونقله من دار المحن إلى دار المنح، ومن دار الفناء، إلى دار النعيم السرمدي المقيم، وذلك يوم عاشوراء سنة إحدى وستين من الهجرة.
فسافر عمر بن سعد بالرأس الشريف إلى الكوفة وسلمها إلى ابن زياد (الشهير بابن مرجانة) فطاف بها في الأسواق، ثم وجهها إلى دمشق ليزيد، فأمر برفعها بها ثلاثة أيام، ثم أمر بأن يطاف بها في البلاد (عاملهم الله بما يستحقون) فطيف بها حتى وصلت (عسقلان) وأميرها إذ ذاك من خيرة الناس إيمانا وخوفا من الله، فدفنها في مكان فخيم استمرت به إلى سنة إحدى وتسعين وأربعمائة، وفي شعبان منها خرج الأفضل ابن أمير الجيوش بعساكر كثيرة إلى بيت المقدس (كما نقله المقريزي عن ابن ميسر) وحارب من به وملكه ثم دخل (عسقلان).
ولما علم بالرأس الشريف عمل مشهدا جليلا بالمدينة المذكورة إذ رأى المكان الأول صار لا يليق بجلالها، ولما تكامل أخرجها فعطرها وحملها على صدره وسعى بها ماشيا إلى أن أحلها في المشهد المذكور فاستمرت به إلى سنة ثمان وأربعين وخمسمائة من الهجرة، وحواليها قضى الله على عسقلان أن تمتد إليها أيدي الطمع من الإفرنج وكان بها أمير يقال له (عياش) فأرسل إلى الخليفة (الفائز بأمر الله) بمصر يقول له: أما بعد فإن الإفرنج قد أشرفوا على أخذ عسقلان وإن بها رأس الإمام الحسين