شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج ٣٣ - الصفحة ٦٠٦
الرأس لما وصل إليه ولم يضربه بالقضيب ولا صب عليه جرعة الخمر ولكفنه ودفنه وأحسن إلى آل الرسول صلى الله عليه وسلم. والدليل على صحة ذلك أنه استدعى ابن زياد وشكره على فعله وأعطاه أموالا جزيلة وتحفا كثيرة من بيت مال المسلمين وقرب مجلسه ورفع منزلته وأدخله على نسائه وجعله نديمه وسكر ليله فقال للمغني غن ثم أنشد بديها:
سقني شربة تروي فؤادي * ثم ملي فسق ابن زياد صاحب السر والأمانة عندي * ولتسديد مغنمي وجهادي قاتل الخارجي أعني حسينا * ومبيد الأعداء والأضداد قال ابن عقدة مما يدل على كفره وزندقته فضلا عن سبه ولعنه أشعاره التي أفصح فيها بالإلحاد وأبان عن خبث الضمير والاعتقاد فمنها قوله في قصيدته التي أولها:
علية هاتي علليني واعلني * بذلك أني لا أحب التناجيا حديث أبي سفيان قدما بتمامها * إلى أحد حتى أقام البواكيا ألا هات سقيني على ذاك قهوة * تخيرها العلني كرماشاميا إذا ما نظرنا في أمور قديمة * وجدنا حلالا شربها متواليا وإن مت يا أم الاحيمر فانكحي * ولا تأملي بعد الفراق تلاقيا فإن الذي حدثت من يوم بعثنا * أحاديث طسم تجعل القلب ساهيا وله أيضا:
معشر الندمان قوموا * واسمعوا صوت الأغاني واشربوا كأس مدام * واتركوا ذكر المغاني شغلتني نغمة العيدان * عن صوت الأذان وتعوضت عن الحور * خمورا في الدنان وقال أيضا في ص ١٠٦:
قال أبو الفرج ابن الجوزي وغير ذلك من أشعاره مما نقلته من ديوانه ولهذا تطرق إلى هذه الأمة العار بولايته عليها حتى قال أبو العلاء المعري في قصيدته التي أولها:
أرى الأيام تفعل كل نكر * فما أنا بالعجائب مستزيد أليس قريشكم قتلت حسينا * وكان على خلافتكم يزيد قال سبط ابن الجوزي لما لعن جدي يزيد بحضرة الإمام الناصر للحق أحمد وكان في الحضرة أكابر العلماء بعد أن خطب وأبلغ على أعواد المنبر فسمع ذلك جماعة من الجفاة فقاموا من المجلس فقال لما أن خرجوا ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود وحكى بعض أشياخنا عن ذلك اليوم إن جماعة سألوا جدي عن يزيد فقال ما تقولون في رجل وله ثلاث سنين: الأولى قتل فيها الحسين عليه السلامابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. والثانية أخاف المدينة وأباحها. والثالثة رمى الكعبة بالمناجيق وهدمها وحرقها فقالوا من فعل هذا يلعن فقال العنوه. وذكر جدي أبو الفرج في كتاب الرد على المتعصب العنيد المانع من لعن يزيد قال سألني سائل فقال ما تقول في يزيد قلت يكفيه ما به فقال أيجوز لعنته قلت قد أجازه العلماء الورعون: منهم الإمام أحمد بن حنبل فإنه ذكر في حقه ما يزيد اللعنة فإنه سئل عن يزيد فقال هو الذي فعل ما فعل قيل وما فعل قال قتلالحسين عليه السلام ونهب المدينة وخرب الكعبة قيل فنذكر عنه الحديث قال ولا كرامة لا ينبغي لأحد أن يكتب عنه الحديث وحكى أبو الفرج بن الجوزي عن القاضي أبي يعلى بن الفراء في كتابه المعتمد في الأصول بإسناده إلى صالح بن أحمد بن حنبل قال قلت لأبي أن قوما ينسبوننا إلى توالي يزيد فقال يا بني وهل يتوالى يزيد أحد يوهن بالله فقلت لم لا تلعنه فقال يا بني لم لا يلعن من لعنه الله في كتابه قال فقلت وأين لعن قال في قوله تعالى: (فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم) فهل يكون فساد أعظم من نهب المدينة وإباحتها وهدم الكعبة وإحراقها وقطع الرحم بقتلالحسين عليه السلام. قال القاضي في الكتاب المذكور الممتنع من جواز لعن يزيد إما أن يكون غير عالم بجوازه أو منافقا يريد أن يوهم بذلك وربما استقر الجهال بشبهة قوله عليه السلام المؤمن لا يكون لعانا وهذا محمل على من لا يستحق اللعن وقد لعن الله الظالمين في عدة مواضع من القرآن وأي ظلم أعظم من قتلالحسين عليه السلام سيد شباب أهل الجنة وريحانة نبي هذه الأمة ونهب المدينة وهدم الكعبة وشرب الخمر والزنا واللعب بالقردة والطنابير وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلمشارب الخمر وبايعها وحاملها والمحمولة إليه وحاضرها وعاصرها فإن استدل المتعصب العنيد ليزيد بحديث القسطنطنية قوله صلى الله عليه وسلم أول جيش يغزو القسطنطنية مغفور له ويزيد أول من غزاها فنقول الحديث يتناول أبا أيوب الأنصاري رضي الله عنه فإنه كان معهم وهو من أجلا الصحابة وهو أحق بالتبعية وإن كان تابعا في الظاهر وتولية يزيد وتغلبه عليها مع كراهة المسلمين له لا اعتداد بها فالحديث يتناول من سبقت لله سبحانه فيه العناية لا لمن سبقت له الشقاوة ونقول أيضا الحديث معارض لقوله صلى الله عليه وسلم من أخاف المدينة فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين وغزو القسطنطنية أول سنة من ولايته وغزو المدينة ثاني سنة منها والآخر ينسخ الأول فعلمنا أن الحديث الأول غير متناول له ولعدم الخلاف في أن يزيد هو الذي أخاف المدينة وقتل رجالها ونهب مالها فلا يتناوله حديث القسطنطنية وإلا لزم التناقض وتضاد الحديثين لعدم جواز أن يكون مغفورا له على مقتضى الحديث الأول مع صحة الحديثين وعدم إمكان الجمع بينهما.
وذكر علماء السير عن الحسين البصري أنه قال قد كان في معاوية هنآت لو لسقى أهل الأرض الله ببعضها لكفاهم: وثوبه على هذا الأمر واقتطاعه من أهله وادعاه زيادا وقتلهحجر بن عدي صاحب رسول الله وصحبه وسمه الحسن عليه السلام بن فاطمة ومحاربته عليا ثمانية عشر شهرا وتوليته يزيد على الناس مع علمه أنه شريب خمير يلبس الحرير ويلعب بالطنابير وقد كان معاوية يقول لولا هواي في يزيد لأبصرت رشدي فدل على أنه أقام يزيد لغلبته هواه ومحبته له لا للاستحقاق فيه وذكر عين القضاة أبو القاسم علي بن محمد السمناني في تاريخه قال لما وضع رأس