شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج ٣٣ - الصفحة ٦٠٦
المذاب) ص ١٠٢ المخطوط قال:
والعجب من قوم يدعون الاسلام ويظهرون شعاره وهم مع ذلك يصوبون فعل يزيد في الحسين ابن علي عليه السلام مع علمهم بأنه كان يشرب الخمر ويلبس الحرير ويتلعب بالقردة ويحيى الليل بالمعازف وأصوات القينات ويقرب الفساق ويصرف لهم من بيت المال ما يصرفوه في اللهو والخمور ويحرم أفاضل الصحابة والتابعين ولم يكن له عند أهل العلم ذكر ولا دنوة في تصانيفهم ولا رووا عنه حديثا واحدا ولم يكن يحفظ من كتاب الله تعالى إلا القليل ولا أحرز من سنة الله ورسوله شيئا وكان شعره التشبيب والغناء بالخمر والنساء والصبيان حكم ثلاث سنين أول سنة أمر بقتلالحسين عليه السلاملعبيد الله بن زياد وأمره بتجهيز رأسه وحريمه إليه سبايا إلى دمشق وشرب على رأسه الخمر ونكث ثناياه بالقضيب ولم يرع له حرمة وثاني سنة سبى المدينة الشريفة النبوية وأباحها ثلاثة أيام وروى الإمام أحمد في المسند عن أنس بن عباس عن يزيد بن حصينة عن عبد الله بن عبد الرحمن أبي صعصعة عن عطاء بن يسار عن السايب بن خلاد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أخاف المدينة ظالما أخافه الله وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا. وروى الإمام البخاري عن حسين بن حريث عن الفضل عن جعد عن عايشة قالت سمعت سعدا يقول لا يكيد أهل المدينة أحد إلا انماع الايمان من قلبه كما ينماع الملح في الماء وأخرجه مسلم أيضا بمعناه وفيه أيضا لا يريد أهل المدينة أحد بسوء إلا أذابه الله في النار كما يذوب الرصاص. وعن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن إبراهيم حرم مكة فجعلها حرما وإني حرمت المدينة حراما ما بين مأزميها لا يراق فيها دم ولا يحمل فيها سلاح لقتال ولا يحبط فيها شجرة إلا لعلف أخرجه مسلم في صحيحه وعنه صلى الله عليه وسلم أيضا المدينة حرام ما بين عير إلى ثور ويقال عاير فمن أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ولا خلاف أن يزيد أخاف المدينة وسبى أهلها ونهبها وأباحها في وقعة الحرة.
وسببه ما رواه الواقدي وابن إسحاق وهشام بن محمد إن جماعة من أجلا أهل المدينة وفدوا على يزيد سنة اثنتين وستين بعد مقتلالحسين عليه السلام فرأوه يشرب الخمر ويلعب بالطنابير فلما عادوا إلى المدينة أظهروا سبه ولعنه وخلعوه وطردوا عامله عثمان بن محمد بن أبي سفيان وقالوا قدمنا من عند رجل لا دين له يسكر ويدع الصلاة وبايعوا عبد الله بن حنظلة ابن الغيل وكان ابن حنظلة يقول يا قوم ما خرجنا على يزيد حتى خفنا أن نرمى بالحجارة من السماء رجل ينكح الأمهات والبنات والأخوات ويشرب الخمور ويقتل أولاد الأنبياء والله لو لم يكن عندي أحد من الناس لأبليت الله فيه بلا حسنا فبلغ ذلك يزيد فبعث بمسلم بن عقبة المري في جيش كثيف من أهل الشامفقتل حنظلة والأشراف وأقام بالمدينة ثلاثة أيام ينهب المال ويهتك الحريم وذكر المدائني في كتاب وقعة الحرة عن الزهري قال كان القتلى يوم الحرة سبع مائة من وجوه قريش والأنصار والمهاجرين ووجوه الموالي وأما من لم يعرف من حر أو عبد أو امرأة فعشرة آلاف وخاض الناس في الدماء حتى بلغ قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وامتلأت الروضة الشريفة والمسجد منه قال مجاهد التجأ الناس إلى حجرة الرسول ومنبره والسيف يعمل فيهم وكانت وقعة الحرة ثلاثا وستين في ذي الحجة وذكر المدائني عن أبي وقرة قال هشام بن حسان ولدت ألف امرأة بعد الحرة من غير زوج وقال غيره عشرة آلاف قال الشعبي وكل ذلك برضى يزيد لإرساله الجيش وهو دليل الرضى بالفعل. وقد قال علي بن أبي طالب عليه السلام الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم وعلى كل داخل إثمان إثم الرضا وإثم العمل وفي السنة الثالثة جهز جيشا إلى مكة شرفها الله، حاصرها وهتك حرمتها وقد كرمها الله إلى يوم القيامة فمن حرمتها إن الله حرم صيدها وقطع شجرها واخلاء خلائها وحرم القتلوالقتال فيها ولم تحل لأحد إلا النبي صلى الله عليه وآله كما أخبر به تعالى (وأنت حل بهذا البلد) قال صلى الله عليه وسلم لم يحل لأحد قبلي ولا بعدي وإنما أحلت لي ساعة من نهار حتى أن الاحتكار في مكة الحاد وضرب الخادم الحاد والصغيرة بها كبيرة فكيف لمن قصد هدم الكعبة وأباح حرمتها. وقد قال عز وجل:
(ومن يرد فيه بالحاد بظلم نذقه من عذاب السعير) وكان أمير جيشه مسلم بن عقبة فمات في أثناء الطريق فاستخلف على الجيش الحصين بن النمير السكوني فضرب الكعبة بالمناجيق وهدمها وحرقها وإلى الآن أثر الحرث على حجارتها وكان بينها وبين موت يزيد ثلاثة أيام، أمهله الله بل أخذه أخذ القرى وهي ظالمة فظهرت فيه الآثار النبوية والإشارات المحمدية والمقادير الإلهية.
وقال في ص 104:
قال أبو الفرج ابن الجوزي في كتاب الرد على المتعصب العنيد في تصويب فعل يزيد ليس العجب من قتال ابن زياد الحسين عليه السلام وتسليطه عمر بن سعد على قتله والشمر على حمل الرؤس إليه وإنما العجب صب الخمر على رأس الحسين عليه السلام وضربه بالقضيب على ثناياه وأمر ابن زياد بحمل آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا على أقتاب الجمال وعزمه على دفع فاطمة بنت الحسين عليه السلام للرجل الذي طلبها منه وإنشاده شعر ليت أشياخي ببدر شهدوا الخ.
أفيجوز أن يفعل هذا بالخوارج أليس بإجماع المسلمين إن قتلى المسلمين يكفنون ويصلى عليهم ويدفنون وقول يزيد لفاطمة بنت الحسين عليه السلام لي أن أسبيكم لما طلبها الرجل وهذا قول لا يقنع لقائله وفاعله باللعنة ولو لم يكن في قلبه أحقاد الجاهلية وأضغان بدرية لاحترم