أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، جابر بن عبد الله، وأبا سعيد، وسهل بن سعد، وزيد بن أرقم، وأنس بن مالك، يخبرونكم بذلك، ويحكم! أما تتقون الله؟ أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي؟.
فقال عند ذلك شمر بن ذي الجوشن: هو يعبد الله على حرف: إن كنت أدري ما يقول؟ فقال له حبيب بن مطهر: والله يا شمر إنك لتعبد الله على سبعين حرفا، وأما نحن فوالله إنا لندري ما يقول، وإنه قد طبع على قلبك.
ثم قال: أيها الناس، ذروني أرجع إلى مأمني من الأرض، فقالوا: وما يمنعك أن تنزل على حكم بني عمك؟ فقال: معاذ الله (إني عذت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب)، ثم أناخ راحلته وأمر عقبة بن سمعان فعقلها، ثم قال: أخبروني أتطلبوني بقتيل لكم قتلته؟ أو مال لكم أكلته أو بقصاصة من جراحة؟ قال: فأخذوا يكلمونه.
قال: فنادى يا شبيب بن ربعي، يا حجاج بن أبجر، يا قيس بن الأشعث، يا زيد بن الحارث، ألم تكتبوا إلي أنه قد أينعت الثمار واخضر الجنات، فأقدم علينا، فإنك إنما تقدم على جند مجندة! فقالوا له: لم نفعل. فقال: سبحان الله! والله لقد فعلتم، ثم قال:
يا أيها الناس، إذ قد كرهتموني فدعوني أنصرف عنكم، فقال له قيس بن الأشعث: ألا تنزل على حكم بني عمك فإنهم لن يؤذوك، ولا ترى منهم إلا ما تحب؟ فقال له الحسين: أنت أخو أخيك، أتريد أن تطلبك بنو هاشم بأكثر من دم مسلم بن عقيل؟ لا والله لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل، ولا أقر لهم إقرار العبيد.
قال: وأقبلوا يزحفون نحوه وقد تحيز إلى جيش الحسين من أولئك طائفة قريب من ثلاثين فارسا فيما قيل، منهم الحر بن يزيد أمير مقدمة جيش ابن زياد، فاعتذر إلى الحسين مما كان منهم.