قال: فما السفه؟ قال: اتباع الدناة، ومصاحبة الغواة.
قال: فما الغفلة؟ قال: تركك المسجد، وطاعتك المفسد.
قال: فما الحرمان؟ قال: تركك حظك وقد عرض عليك.
قال: فمن السفيه؟ قال: الأحمق في المال المتهاون بعرضه.
قال: ثم قال علي رضي الله عنه: يا بني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا فقر أشد من الجهل، ولا مال أفضل من العقل، ولا وحدة أوحش من العجب، ولا مظاهرة أوثق من المشاورة، ولا عقل كالتدبير، ولا حسب كحسن الخلق، ولا ورع كالكف، ولا عبادة كالتفكر، ولا إيمان كالحياء، ورأس الإيمان الصبر، وآفة الحديث الكذب، وآفة العلم النسيان، وآفة الحلم السفه، وآفة العبادة الفترة، وآفة الطرف الصلف، وآفة الشجاعة البغي، وآفة السماحة المن، وآفة الجمال الخيلاء، وآفة الحسب الفخر.
وقال أيضا في ص 192: أيها الناس إنه من نصح لله وأخذ قولا دليلا، هدي للتي هي أقوم، ووفقه الله للرشاد، وسسده للحسنى، فإن جار الله آمن محفوظ، وعدوه خائف مخذول، فاحترسوا من الله بكثرة الذكر. واخشوا الله بالتقوى، وتقربوا إلى الله بالطاعة، فإنه قريب مجيب، قال الله تبارك وتعالى: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) [البقرة: 186].
فاستجيبوا لله وآمنوا به، فإنه لا ينبغي لمن عرف عظمة الله أن يتعاظم، فإن رفعة الذين يعلمون عظمة الله أن يتواضعوا، وعز الذين يعرفون جلال الله أن يتذللوا له، وسلامة الذين يعلمون ما قدره الله أن يستسلموا له، ولا ينكروا أنفسهم بعد المعرفة، ولا يضلوا بعد الهدى.
واعلموا علما يقينا أنكم لن تعرفوا التقي حتى تعرفوا صفة الهدى، ولن تمسكوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نبذه، ولن تتلوا الكتاب حق تلاوته حتى تعرفوا