بيد علي عليه السلام ونزلا في الثقب وأقعدني مكاني، فلما برق بارق الصبح عادا ومعهما رجال يشبهون الزط، فقال: هؤلاء إخوانك المؤمنون، وكان معي ماء فيه منبوذ شئ من التمر، فشرب منه ثم توضأ). صح ذلك من غير نزاع، وقد أوله أرباب الهوى على اختيار ما يريدون، فمن أراد أن يعلم حقيقة هذا وغيره فلينظرن في كتاب (مغايب المذاهب) وهو من جملة تصانيفنا.
ثم ذكر قصة زعيم بن بلعام العجيبة الذي وجد الخضر عليه السلام في طلب منبع النيل - إلى أن قال: وأعجب من هذا الحديث حديث بلوقيا وعفان وحديثهما طويل، وإشارة منه كافية، فقد بلغ من سفرهما حتى وصلا إلى المكان الذي فيه سليمان، فتقدم بلوقيا ليأخذ الخاتم من أصبعه، فنفخ فيه التنين الموكل معه، فأحرقه فضربه عفان بقارورة فأحياه، ثم مد يده ثانية وثالثة فأحياه بعد ثلاث، فمد يده رابعة فاحترق وهلك فخرج عفان وهو يقول: أهلك الشيطان أهلك الشيطان، فناداه التنين: ادن أنت وجرب، فهذا الخاتم لا يقع في يد أحد إلا في يد محمد صلى الله عليه وسلم إذا بعث، فقل له إن أهل الملأ الأعلى قد اختلفوا في فضلك وفضل الأنبياء قبلك، فاختارك الله على الأنبياء، ثم أمرني فنزعت خاتم سليمان فجئتك به، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه عليا فوضعه في إصبعه، فحضر الطير والجان والناس يشاهدون ويشهدون، ثم دخل الدمرياط الجني، وحديثه طويل، فلما كانوا في صلاة الظهر تصور جبرائيل عليه السلام بصورة سائل طائف بين الصفوف، فبينا هم في الركوع إذ وقف السائل من وراء علي عليه السلام طالبا، فأشار علي بيده فطار الخاتم إلى السائل، فضجت الملائكة تعجبا، فجاء جبرائيل مهنيا وهو يقول أنتم أهل بيت أنعم الله عليكم (ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) فأخبر النبي بذلك عليا فقال علي عليه السلام: ما نصنع بنعيم زائل، وملك حائل، ودنيا في حلالها حساب، وفي حرامها عقاب؟ فإن اعترض المفتي وقال: كيف قاتل معاوية على الدنيا، فالجواب أنه قاتل على حق هو له يصل به إلى حق.