في بيروت سنة 1407) قال:
حدثنا عبد الله بن محمد البلوي، قال: ثنا عمارة بن زيد، قال: حدثني أبو البختري وهب بن وهب، قال: حدثني محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عبد الله بن الحارث، عن أبيه، قال: حدثني سلمان الفارسي، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده في يوم مطير، ذي سحائب ورياح، ونحن ملتفون حوله، فسمعنا صوتا لا نرى شخصه، وهو يقول: السلام عليك يا رسول الله. فرد عليه السلام، وقال: ردوا على أخيكم السلام قال: فرددنا عليه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أنت؟
قال: أنا عرفطة بن شمراخ أحد بني نجاح، أتيتك يا رسول الله مسلما.
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: مرحبا بك يا عرفطة، أظهر لنا - رحمك الله - في صورتك. قال سلمان. فظهر لنا شيخ أزب أشعر، قد لبس وجهه شعر غليظ متكاثف قد واراه، وإذا عيناه مشقوقتان طولا، وله فم في صدره، فيه أنياب بادية طوال، وإذا له في موضع الأظفار من بين يديه مخالب كمخالب السباع، فلما رأيناه اقشعرت جلودنا، ودنونا من النبي صلى الله عليه وسلم.
فقال الشيخ: يا نبي الله. ابعث معي من يدعو جماعة قومي إلى الاسلام، وأنا أرده إليك سالما إن شاء الله.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: أيكم يقوم فيبلغ الجن عني وله علي الجنة. فما قام أحد. وقال الثانية والثالثة، فما قام أحد.
فقال علي كرم الله وجهه: أنا يا رسول الله. فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى الشيخ، فقال: وافني إلى الحرة، في هذه الليلة، أبعث معك رجلا يفصل بحكمي، وينطق بلساني، ويبلغ عني. قال سلمان: فغاب الشيخ، وأقمنا يومنا، فلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة، وانصرف الناس من المسجد، قال:
يا سلمان سر معي. فخرجت معه، وعلي بين يديه، حتى أتينا الحرة.
فإذا الشيخ على بعير كالشاة، وإذا بعير آخر على ارتفاع الفرس، فحمل عليه