بالأعم، وليس ذلك إلا للقرينة المذكورة.
وثانيا: نمنع تبادر الأعم من الأمثلة المذكورة أيضا، ونقول: إن المتبادر منها أيضا هي الصحيحة وأن اللفظ مستعمل فيها، إلا أنه تأول في انطباق ما يصدر من الغير على المفهوم الكلي واندراجه تحته، إما بتبعية اعتقاد العامل، حيث إن الظاهر من حاله اعتقاد صحة ما يفعله، فيتبعه المخبر في ذلك الاعتقاد، ويجعله فردا من الكلي، فيخبر بأنه يصلي، وهذا الوجه يجري فيما إذا أخبر بأن الكافر يصلي، وإما بسبب ظهور حال العامل في أنه يفعل الصحيح الواقعي، فيجعل المخبر ما يصدر منه مصداقا من المفهوم الكلي، فيخبر أنه يصلي مثلا، وهذا إنما يجري في المسلم.
وكيف كان، فالإخبار قد يكون مبنيا على الواقع بأن يكون المخبر غرضه الإخبار عن صدور الصحيحة الواقعية واقعا عن الغير، فحينئذ لو انكشف الفساد لا ريب في صحة تكذيبه، وقد يكون مبنيا على زعم العامل وعلى تبعية اعتقاده، أو على ظاهر حال، بمعنى أن المخبر يخبر عن صدور العمل الصحيح عنه، نظرا إلى انطباق ما يصدر منه على المفهوم الكلي المتصف بالصحة باعتقاد العامل، فيتبعه في ذلك الاعتقاد، وإن لم يكن معتقدا للاندراج حقيقة، وإنما هو اعتقاد صوري أو بظهور حال الفاعل إذا كان مسلما، فهو مستعمل للفظ في الصحيح، إلا [أن] طريق إحرازه كون ما يصدر منه فردا منه إما اعتقاد العامل أو ظهور حاله، فنقول: حينئذ إن القرينة المتقدمة إنما تفيد ارتكاب المخبر لنوع تأويل في دعوى انطباق المفهوم الكلي على ما يصدر من الغير بأحد الوجهين المذكورين، لا التجوز في اللفظ، وتبادر الأعم منه، وعدم جواز تكذيبه إنما هو لأجل العلم بواسطة القرينة المذكورة بأنه ليس إخباره مبنيا على الواقع.
هذا مضافا إلى ما يرد على التمسك بمثل فلان يصلي أو يصوم، وأمثالهما مما يكون إخبارا عن المضارع من أن الإخبار عن أمر مركب يكون حصوله تدريجيا بالنسبة إلى زمان المستقبل، ظاهر في الاشتغال بهذا الأمر المركب، فمعنى فلان يصلي، أنه اشتغل بها، ولا ريب أنه يصدق الاشتغال بإيجاد جزء منها، بحيث لو