تماميته - إنما ينفع في رد القائلين بالأعم، حيث إنهم ذاهبون إلى وضع تلك الألفاظ للأعم من فاقدة الطهور أو الفاتحة، وهي تردهم، لكنها لا تثبت وضعها للصحيحة مطلقا، أعني بالنسبة إلى جميع الأجزاء والشرائط، كما هو المدعى، ضرورة توقف تحقق الصحة على أمور أخر غير الطهارة والفاتحة.
هذا، ومنها: دليل الحكمة.
وبيانه: أن حكمة الوضع إنما هي سهولة البيان عن الغرض والمقصود الأصلي، ورفع كلفة الإتيان بالقرينة في كل استعمال، فيكون الموضوع له هو المعنى الذي يكون متعلقا للغرض أصالة، وهو في المقام المعاني الصحيحة لا غير، ضرورة أن غرض الشارع أصالة إنما يتعلق بها، ولو اتفق إرادته الأعم أو الفاسدة، فهو من باب البيان للصحيح، فقوله: دعي الصلاة أيام أقرائك مثلا لبيان الفرد الصحيح الذي هو متعلق غرضه الأصلي.
ويؤيد ذلك ويعضده التتبع والاستقراء في حال أرباب الصنائع والحرف المخترعة، حيث إنهم يضعون الألفاظ لما يكون متعلقا لغرضهم أصالة في مقام البيان، ولا ريب أن هذا الدليل على تقدير ثبوت الحقيقة الشرعية بالوضع التعييني في غاية المتانة والحسن، حيث إن غرض الشارع لم يتعلق أصالة إلا ببيان ما هو وظيفة لعباده في مقام العبادة والإطاعة، وهو لا يكون إلا صحيحا، والحكمة قاضية على تقدير الوضع التعييني بلزوم الوضع لما هو المقصود بيانه أصالة.
وأما بناء على عدم ثبوت الحقيقة الشرعية، أو ثبوتها لا بالتعيين فلا ممشى له حينئذ.
ومنها:
أنا نجد من أنفسنا اتحاد وجه استعمال تلك الألفاظ في الفاسدة مع وجه استعمال ألفاظ المقادير في ما نقص عنها، فكما نجده مبنيا على المسامحة والتنزيل، فكذلك نجد ذلك في المقام، فهذا يكشف عن أن الموضوع إنما هو الصحيح، وهذا أيضا من الوجوه الإقناعية، لا الإلزامية.
لكن تماميته مبنية على أن يكون معاني تلك الألفاظ من الأجزاء الخارجية، وإلا فليس الفرد الفاسد بعضا من مفهوم اللفظ حتى يكون وجه