الاستعمال هو التنزيل والادعاء، فلا بد حينئذ أن يكون وجهه على تقدير وضعها للصحيحة غير ذلك من الوجوه المصححة لاستعمال اللفظ في غير معناه الحقيقي.
ومنها:
أنها لو كانت موضوعة للأعم لما كانت توقيفية، بل كان المرجع فيها إلى العرف، إذ هو المناط فيها على القول المذكور، التالي باطل، ضرورة كونها أمورا توقيفية متلقاة من صاحب الشريعة، لا يصح الرجوع فيها إلى عرف أو عادة، فالمقدم مثله.
وفيه أولا: النقض بأن القائلين بوضعها للصحيحة يرجعون فيها أيضا إلى العرف، ولذا استدلوا عليه بالتبادر، وصحة السلب كما مر.
وثانيا: منع الملازمة المذكورة فان توقيفيتها من الشارع إنما تمنع عن المعاملة معها معاملة الألفاظ اللغوية بالرجوع فيها أيضا إلى العرف العام، وأما الرجوع إلى العرف الخاص، وهو عرف المتشرعة الكاشف عن مراد صاحب الشريعة فلا، فإنه رجوع إلى الشارع حقيقة، كما لا ينافي الرجوع في الألفاظ اللغوية والعرفية إلى أهل العرف واللغة، توقيفيتها.
والتحقيق أن هنا توقيفا في معرفة المعنى في الجملة على وجه يمتاز عما عداه، وتوقيفا في معرفته بتفصيله من حيث الأجزاء والشرائط، فإن أراد المستدل الأول، فلا ريب أن الرجوع إلى عرف المتشرعة لا ينافيه، كما لا ينافيه على القول بوضعها للأعم أيضا، وإن كان الثاني، فلا ريب في منع الملازمة أيضا، إذ لا يلزم من وضعها للأعم جواز الرجوع إلى العرف، فإنهم لا يتمكنون من معرفة تفاصيل الأجزاء والشرائط، بل لا بد من رجوع المقلد فيها إلى المجتهد، وهو إلى الأدلة.
وكيف كان فتفصيل المعنى بشرائطه وأجزائه، سواء كان هو الصحيح أو الأعم، متوقف على بيان الشارع، وليس للأعمي الرجوع إلى العرف في ذلك، بل لا يمكنه.
هذه جل ما ذكروه للقول بالصحيح، وعرفت أن المعتمد إنما هو التبادر، وصحة السلب عن الفاسدة.
أقول: ويمكن ان يحتج له أيضا بأنه لا ريب أنه كلما كثرت الحاجة إلى