هذا، وأما على الضرب الثاني: وهو ما كان الشك بسبب الأمر المنفصل من جهة الاشتباه الخارجي، كأن دل دليل شرعي عام أو مطلق على حكم لموضوع عام أو مطلق، ثم دل دليل آخر منفصل من عقل أو نقل أو إجماع على ثبوت نقيض ذلك الحكم لموضوع آخر عام أو مطلق، فشك في ثبوت الحكم في الدليل الشرعي لبعض أفراد موضوعه، من جهة الشك واحتمال أن يكون بعض أفراد موضوع ذلك الدليل المنفصل داخلا في جملة أفراد العام أو المطلق في الدليل الشرعي المذكور، ويكون بعض المذكور هو هذا الفرد.
فهاهنا مقامات ثلاثة:
الأول: أن لا يحصل القطع بالدخول أصلا، بل يكون مجرد الاحتمال.
الثاني: أن يعلم به إجمالا مع ان يجد بعد الفحص عن مظانه عدة من الأفراد الداخلة مطابقة لمقدار المعلوم بالإجمال.
الثالث: أن يعلم به لكن لم يجد بعد الفحص مقدارا مطابقا له، إما بعدم وجدانه شيئا أصلا، وإما معه لكن لا بمقداره.
أما مثال كل منها في العرف:
فللأول: أن يقول المولى لعبده: أضف الجار أو جيراني، ثم علم العبد من عقله أو من كلام آخر أنه لا يريد إضافة عدوه، لكن شك في أن بعض الجيران من أعدائه أو ليس أحد منهم عدوا له، فلذا شك في وجوب إضافة بعضهم لاحتمال كونه عدوا لمولاه.
وللثاني: المثال المذكور مع علم العبد بعداوة البعض المعين من الجيران والشك في عداوة غيره.
وللثالث: أيضا المثال المذكور مع علم العبد إجمالا بعداوة بعضهم، ولم يبين له ذلك البعض أصلا، أو لم يجد بمقدار المعلوم الإجمالي.
لا إشكال في البناء على العموم أو الإطلاق في هذا الخطاب في المقام الأول والثاني.
أما الأول: فلعدم معلومية أصل التخصيص، فالأصل عدمه.