ثم دخلت سنة أربع وأربعين وأربعمائة فيها كتبت تذكرة الخلفاء المصريين وأنهم أدعياء كذبة لا نسب لهم صحيحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، نسخا كثيرة، وكتب فيها الفقهاء والقضاة والأشراف. وفيها كانت زلازل عظيمة في نواحي أرجان والأهواز وتلك البلاد، تهدم بسببها شئ كثير من العمران وشرفات القصور، وحكى بعض من يعتد قوله أنه انفراج إيوانه وهو يشاهد ذلك، حتى رأى السماء منه ثم عاد إلى حاله لم يتغير. وفي ذي القعدة منها تجددت الحرب بين أهل السنة والروافض، وأحرقوا أماكن كثيرة، وقتل من الفريقين خلائق، وكتبوا على مساجدهم: محمد وعلي خير البشر، وأذنوا بحي على خير العمل، واستمرت الحرب بينهم، وتسلط القطيعي العيار على الروافض، بحيث كان لا يقر لهم معه قرار، وهذا من جملة الاقدار.
وفيها توفي من الأعيان..
الحسن بن علي ابن محمد بن علي بن أحمد بن وهب بن شنبل بن قرة بن واقد، أبو علي التميمي الواعظ، المعروف بابن المذهب، ولد سنة خمس وخمسين وثلاثمائة، وسمع مسند الإمام أحمد من أبي بكر بن مالك القطيعي عن عبد الله بن الإمام أحمد، عن أبيه، وقد سمع الحديث من أبي بكر بن ماسي وابن شاهين والدار قطني وخلق، وكان دينا خيرا، وذكر الخطيب أنه كان صحيح السماع لمسند أحمد من القطيعي غير أنه ألحق اسمه في أجزاء. قال ابن الجوزي: وليس هذا بقدح في سماعه، لأنه إذا تحقق سماعه جاز أن يلحق اسمه فيما تحقق سماعه له، وقد عاب عليه الخطيب أشياء لا حاجة إليها.
علي بن الحسين ابن محمد، أبو الحسن المعروف بالشاشي البغدادي، وقد أقام بالبصرة واستحوذ هو وعمه على أهلها، وعمل أشياء من الحيل يوهم بها أنه من ذوي الأحوال والمكاشفات، وهو في ذلك كاذب قبحه الله وقبح عمه، وقد كان مع هذا رافضيا خبيثا قرمطيا، توفي في هذا العام فلله الحمد والشكر والانعام.