وحضر جنازته الوزير والقضاة، وصلى عليه الوزير ودفن بداره بمسجد الأنباري، وولي أخوه المرتضى ما كان يليه، وزيد على ذلك أشياء ومناصب أخرى، وقد رثى الرضي أخاه بمرثاة حسنة.
باديس بن منصور الحميري أبو المعز مناذر بن باديس (1) نائب الحاكم على بلاد إفريقية وابن نائبها، لقبه الحاكم بنصير الدولة، كان ذا همة وسطوة وحرمة وافرة، كان إذا هز رمحاه كسره، توفي فجأة ليلة الأربعاء سلخ ذي القعدة منها، ويقال إن بعض الصالحين دعى عليه تلك الليلة، وقام في الامر بعده ولده المعز مناذر.
ثم دخلت سنة سبع وأربعمائة في ربيع الأول منها، احترق مشهد الحسين بن علي [بكربلاء] وأروقته، وكان سبب ذلك أن القومة أشعلوا شمعتين كبيرتين فمالتا في الليل على التازير، ونفذت النار منه إلى غيره حتى كان ما كان. وفي هذا الشهر أيضا احترقت دار القطن ببغداد وأماكن كثيرة بباب البصرة، واحترق جامع سامرا. وفيها ورد الخبر بتشعيث الركن اليماني من المسجد الحرام، وسقوط جدار بين يدي قبر الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وأنه سقطت القبة الكبيرة على صخرة بيت المقدس، وهذا من أغرب الاتفاقات وأعجبها. وفي هذه السنة قتلت الشيعة الذين ببلاد إفريقية ونهبت أموالهم، ولم يترك منهم إلا من لا يعرف، وفيها كان ابتداء دولة العلويين ببلاد الأندلس، وليها علي بن حمود بن أبي العيس (2) العلوي، فدخل قرطبة في المحرم منها، وقتل سليمان بن الحكم الأموي، وقتل أباه أيضا، وكان شيخا صالحا، وبايعه الناس وتلقب بالمتوكل على الله، ثم قتل في الحمام في ثامن ذي القعدة منها (3) عن ثمان وأربعين سنة، وقام بالامر من بعده أخوه القاسم بن حمود، وتلقب بالمأمون، فأقام في الملك ست سنين، ثم قام ابن أخيه يحيى بن علي (4)، ثم ملك الأمويون حتى ملك أمر المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين. وفيها ملك محمود بن سبكتكين بلاد خوارزم بعد ملكها خوارزم شاه مأمون بن مأمون وفيها استوزر سلطان الدولة أبا الحسن علي بن الفضل الرامهرمزي، عوضا عن فخر الملك. وخلع عليه. ولم يحج أحد في هذه السنة من بلاد المغرب لفساد البلاد والطرقات.