إلى المجاورين بالحرمين وجامع المنصور، وجامع الرصافة، وكان يخرج من داره في زي العامة فيزور قبور الصالحين، وقد ذكرنا طرفا صالحا من سيرته عند ذكر ولايته في سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة، وجلسوا في عزائه سبعة أيام لعظم المصيبة به، ولتوطيد البيعة لولده المذكور، وأمه يقال لها قطر الندى (1)، أرمنية أدركت خلافته في هذه السنة، وكان مولده يوم الجمعة الثامن عشر من ذي القعدة سنة إحدى وتسعين (2) وثلاثمائة، ثم بويع له بحضرة القضاة والامراء والكبراء في هذه السنة، وكان أول من بايعه المرتضى وأنشده أبياتا:
فأما مضى جبل وانقضى * فمنك لنا جبل قد رسى وأما فجعنا ببدر التمام * فقد بقيت منه شمس الضحى لنا حزن في محل السرور * فكم ضحك في محل البكا فيا صارما أغمدته يد * لنا بعدك الصارم المنتضى ولما حضرنا لعقد البياع * عرفنا بهديك طرق الهدى فقابلتنا بوقار المشيب * كمالا وسنك سن الفتى فطالبته الأتراك برسم البيعة فلم يكن مع الخليفة شئ يعطيهم، لان أباه لم يترك شيئا، وكادت الفتنة تقع بين الناس بسبب ذلك، حتى دفع عنه الملك جلال الدولة مالا جزيلا لهم، نحوا من ثلاثة آلاف دينار، واستوزر الخليفة أبا طالب محمد بن أيوب، واستقضى ابن ماكولا. ولم يحج أحد من أهل المشرق سوى شرذمة خرجوا من الكوفة مع العرب فحجوا.
وفيها توفي من الأعيان غير الخليفة:
الحسن بن جعفر أبو علي بن ماكولا الوزير لجلال الدولة، قتله غلام له وجارية تعاملا عليه فقتلاه، عن ست وخمسين سنة.
عبد الوهاب بن علي ابن نصر بن أحمد بن الحسن بن هارون بن مالك بن طوق، صاحب الرحبة، التغلبي