الخليفة، وقد روى الحديث ووعظ، وكان مليح الايراد حلو المنطق، توفي بالري والله أعلم.
ثم دخلت سنة خمس عشرة وخمسمائة فيها أقطع السلطان محمود الأمير إيلغازي مدينة ميافارقين، فبقيت في يد أولاده إلى أن أخذها صلاح الدين يوسف بن أيوب، في سنة ثمانين وخمسمائة. وفيها أقطع آقسنقر البرشقي مدينة الموصل لقتال الفرنج، وفيها حاصر ملك (1) بن بهرام وهو ابن أخي إيلغازي مدينة الرها فأسر ملكها جوسكين (2) الإفرنجي وجماعة من رؤس أصحابه وجماعة من رؤس أصحابه وسجنهم بقلعة خرتبرت. وفيها هبت ريح سوداء فاستمرت ثلاثة أيام فأهلكت خلقا كثيرا من الناس والدواب. وفيها كانت زلزلة عظيمة بالحجاز فتضعضع بسببها الركن اليماني، وتهدم بعضه، وتهدم شئ من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفيها ظهر رجل علوي بمكة كان قد اشتغل بالنظامية في الفقه وغيره، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فاتبعه ناس كثير فنفاه صاحبها ابن أبي هاشم إلى البحرين. وفيها احترقت دار السلطان بأصبهان، فلم يبق فيها شئ من الآثار والقماش والجواهر والذهب والفضة سوى الياقوت الأحمر، وقبل ذلك بأسبوع احترق جامع أصبهان، وكان جامعا عظيما، فيه من الأخشاب ما يساوي ألف دينار، ومن جملة ما احترق فيه خمسمائة مصحف، من جملتها مصحف بخط أبي بن كعب، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وفي شعبان منها جلس الخليفة المسترشد في دار الخلافة في أبهة الخلافة، وجاء الاخوان السلطان محمود ومسعود فقبلا الأرض ووقفا بين يديه، فخلع على محمود سبع خلع وطوقا وسوارين وتاجا، وأجلس على كرسي ووعظه الخليفة، وتلا عليه قوله تعالى (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) [الزلزلة: 7 - 8] وأمره بالاحسان إلى الرعايا، وعقد له لواءين بيده، وقلده الملك، وخرجا من بين يديه مطاعين معظمين، والجيش بين أيديهما في أبهة عظيمة جدا. وحج بالناس قطز الخادم.
وممن توفي فيها:
ابن القطاع اللغوي أبو القاسم علي بن جعفر بن محمد ابن الحسين بن أحمد بن محمد بن زيادة الله بن محمد بن الأغلب السعدي الصقلي، ثم المصري اللغوي المصنف كتاب الافعال، الذي برز فيه على ابن القوطية، وله مصنفات كثيرة، قدم مصر في