ثم قال السمعاني: لعله قد تاب من هذا كله. قال ابن الجوزي: وهذا غير مرضي أن يذكر جرح الأئمة له ثم يعتذر عن ذلك باحتمال توبته، وقد ذكر ابن الجوزي أنه لما احتضر جعل يردد هذا البيت:
وما كنتم تعرفون الجفا * فممن نرى قد تعلمتم ثم كانت وفاته بالجانب الغربي من بغداد في ربيع الأول منها.
أبو بكر الشاشي صاحب المستظهري محمد بن أحمد بن الحسين الشاشي، أحد أئمة الشافعية في زمانه، ولد في المحرم سنة سبع (1) وعشرين وأربعمائة، وسمع الحديث على أبي يعلى بن الفراء، وأبي بكر الخطيب، وأبي إسحاق الشيرازي، وتفقه عليه وعلى غيره، وقرأ الشامل على مصنفه ابن الصباغ، واختصره في كتابه الذي جمعه للمستظهر بالله، وسماه حلية العلماء بمعرفة مذاهب الفقهاء، ويعرف بالمستظهري، وقد درس بالنظامية ببغداد ثم عزل عنها وكان ينشد:
تعلم يا فتى والعود غض * وطينك لين والطبع قابل فحسبك يا فتى شرفا وفخرا * سكوت الحاضرين وأنت قائل توفي سحر يوم السبت السادس عشر من شوال منها، ودفن إلى جانب أبي إسحاق الشيرازي بباب إبرز.
المؤتمن بن أحمد ابن علي بن الحسين بن عبيد الله، أبو نصر الساجي المقدسي، سمع الحديث الكثير، وخرج وكان صحيح النقل، حسن الحظ، مشكور السيرة لطيفا، اشتغل في الفقه على الشيخ أبي إسحاق الشيرازي مدة، ورحل إلى أصبهان وغيرها، وهو معدود من جملة الحفاظ، لا سيما للمتون، وقد تكلم فيه ابن طاهر. قال ابن الجوزي: وهو أحق منه بذلك، وأين الثريا من الثرى؟ توفي المؤتمن يوم السبت ثاني عشر صفر منها، ودفن بباب حرب والله أعلم.
ثم دخلت سنة ثمان وخمسمائة فيها وقع حريق عظيم ببغداد. وفيها كانت زلزلة هائلة بأرض الجزيرة، هدمت منها ثلاثة