الشافعيان، والشيخ أبو محمد التميمي الحنبلي، وبزز فصلى بالناس العصر ثم بعد ساعة أخرج تابوت جده بسكون ووقار من غير صراخ ولا نوح، فصلى عليه وحمل إلى المقبرة، وقد كان المقتدي شهما شجاعا أيامه كلها مباركة، والرزق دار والخلافة معظمة جدا، وتصاغرت الملوك له، وتضاءلوا بين يديه، وخطب له بالحرمين وبيت المقدس والشام كلها، واسترجع المسلمون الرها وأنطاكية من أيدي العدو، وعمرت بغداد وغيرها من البلاد، واستوزر ابن جهير ثم أبا شجاع، ثم أعاد ابن جهير وقاضيه الدامغاني، ثم أبو بكر الشاشي، وهؤلاء من خيار القضاة والوزراء ولله الحمد.
وفي شعبان منها أخرج المفسدات من الخواطئ من بغداد، وأمرهن أن ينادين على أنفسهن بالعار والفضيحة، وخرب الخمارات ودور الزواني والمغاني، وأسكنهن الجانب الغربي مع الذل والصغار، وخرب أبرجة الحمام، ومنع اللعب بها، وأمر الناس باحتراز عوراتهم في الحمامات ومنع أصحاب الحمامات أن يصرفوا فضلاتها إلى دجلة، وألزمهم بحفر آبار لتلك المياه القذرة صيانة لماء الشرب. وفي شوال منها وقعت نار في أماكن متعددة في بغداد، حتى في دار الخلافة، فأحرقت شيئا كثيرا من الدور والدكاكين، ووقع بواسط حريق في تسعة أماكن، واحترق فيها أربعة وثمانون دارا وستة خانات، وأشياء كثيرة غير ذلك، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وفيها عمل الرصد للسلطان ملكشاه اجتمع عليه جماعة من أعيان المنجمين وأنفق عليه أموالا كثيرة، وبقي دائرا حتى مات السلطان فبطل.
وفي ذي الحجة منها أعيدت الخطب للمصريين وقطعت خطبة العباسيين، وذلك لما قوي أمر صاحب مصر بعدما كان ضعيفا بسبب غلاء بلده، فلما رخصت تراجع الناس إليها، وطاب العيش بها، وقد كانت الخطبة للعباسيين بمكة منذ أربعين سنة وخمسة أشهر، وستعود كما كانت على ما سيأتي بيانه في موضعه، وفي هذا الشهر انجفل أهل السواد من شدة الوباء وقلة ماء دجلة ونقصها. وحج بالناس الشريف أبو طالب الحسيني بن محمد الزينبي، وأخذ البيعة للخليفة المقتدي بالحرمين.
وممن توفي فيها من الأعيان...
الخليفة القائم بأمر الله عبد الله، وقد ذكرنا شيئا من ترجمته عند وفاته.
الداوودي راوي صحيح البخاري، عبد الرحمن بن محمد بن المظفر بن محمد بن داود، أبو الحسن، بن أبي طلحة الداوودي، ولد سنة أربع وسبعين وثلاثمائة، سمع الكثير وتفقه على الشيخ أبي حامد