ما استدلوا به هناك على وجوبهما في العموم، والقول أن مشروعية التجديد للتدارك كما في الذكرى وغيرها بل قد عرفت نسبته فيها إلى الأصحاب والأخبار فيه إنا لم نتحقق ذلك من كل منهما، أما الأصحاب فمقتضى فتوى كثير منهم هنا بوجوب الإعادة ردا على الشيخ ومن تبعه خلافه، وأما الأخبار فلم نعثر في شئ منها على ما يدل عليه، بل ظاهرها أن محل استحبابه حال عدم ذلك، واحتمال استفادته من نحو قول الصادق (عليه السلام) (1): " الطهر على الطهر عشر حسنات " ونحوه، بتقريب أن إطلاق لفظ الطهر عليه مجاز لمناسبة أنه يتفق فيه ذلك كما ترى، بل شك في شك، فلا يلتفت إليه، كما أنه لا يلتفت إلى ما تقدم من احتمال كون وجهه أنه من الشك بعد الفراغ، لأنه مع أن ظاهر القائلين خلافه ممنوع، لظهور أدلته فيما إذا كان طرفا الشك وجودا وعدما بحتا لا عدما خاصا، لا أقل من الشك في ذلك، فيبقى القاعدة لا معارض لها.
ومما يرشد إليه ذكرهم في باب الصلاة وجوب الإعادة على من اعتقد ترك سجدتين لا يعلم أنهما من ركعة أو ركعتين، وكذا فيما إذا دار الأمر المقطوع بتركه بين الركن وغيره، فتأمل. ومثلهما ما أشار إليه المصنف في المعتبر في تقييده السابق من أن نية التجديدية للصلاة تقوم مقام نية الاستباحة، لاقتضائها حصول منع قبله، وهو مفقود هنا، وفرق واضح بين ما نحن فيه وبين ما تقدم سابقا من احتمال الاجتزاء بنية ما كانت الطهارة شرطا في كماله وإن لم تكن شرطا في صحته كما في قراءة القرآن ونحوها، لأن رفع الحدث شرط في الكمال، فنيته يمكن الاكتفاء بها، لما فيه من التلازم، وأما هنا فليس كذلك، إذ لا مدخلية لرفع الحدث في هذا الكمال، فظهر لك من ذلك كله أن الأقوى بناء على شرطية الاستباحة وجوب الإعادة، نعم يتم فيما لو غفل عن الوضوء الأول ثم توضأ ثانيا بنية الاستباحة ثم ظهر له فساد إحدى الطهارتين، لكنه خارج عما نحن فيه، لأن الفرض نية التجديد.