من أنه إن شك بعد فراغه منه وقيامه من مكانه لم يلتفت، وما في الغنية وكذا الكافي لأبي الصلاح إن نهض متيقنا لتكامله لم يلتفت إلى شك وما في الوسيلة والفقيه والمراسم والهداية من أنه لا يلتفت إلى الشك في شئ منه بعد ما قام على أن يراد بالانصراف والقيام ونحوهما مجرد الفراغ من الوضوء قام من المجلس أو لم يقم طال جلوسه أولم يطل، كما في البيان وجامع المقاصد والروض والروضة والمسالك والمدارك، بل في الروضة والمدارك الاجماع عليه، وكأنهما فهما من عبارات الأصحاب المتقدمة ذلك، وفي المعتبر والمنتهى دعوى الاجماع على عدم الالتفات مع الانصراف عن حاله، فقد يقال أن الانصراف عن الحال الأول يحصل بالفراغ منه وعدم التشاغل فيه، ويدل عليه ما في حسنة بكير بن أعين (1) قال: " قلت له: الرجل يشك بعد ما يتوضأ قال هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك " وقول الصادق (عليه السلام) في خبر محمد بن مسلم (2) " كل ما مضى من صلاتك وطهورك فذكرته تذكرا فأمضه ولا إعادة عليك " مع تأيده بأصالة صحة فعل المسلم، وبأنه لو وجب التلافي مع الشك بعد الفراغ لأدي إلى الحرج المنفي، وأما ما في صحيحة زرارة المتقدمة ما يدل على اشتراط عدم الالتفات بالقيام مع الفراغ وصيرورته في حالة أخرى كالصلاة وغيرها كقوله (عليه السلام) فيها:
" فإذا قمت عن الوضوء وفرغت منه وقد صرت في حال أخرى في الصلاة أو في غيرها فشككت لا شئ عليك " فهي مع أن دلالتها بالمفهوم وعدم القائل بمضمونها من اشتراط الدخول في الصلاة - محتملة لأن يراد بالقيام الفراغ كما يقضي به عطفه عليه، وإلا لناسب تقديمه عليه، على أنه معارض بالمفهوم في صدرها، لقوله (عليه السلام) (4):
" إذا كنت قاعدا على وضوئك فلم تدر أغسلت ذراعيك أم لا فأعد عليهما وعلى