على إرادة الاستحباب بعيد جدا، وكذا حملها على إرادة الوجوب التخييري، بل هو باطل، لما فيه من التخيير بين الفعل وتركه، على أنه لا صراحة في المعارض، لأن الأمر بغسل ما وصل إليه الغسل وترك ما لا يصل إليه لا يقضي بعدم وجوب المسح، بل أقصاه سقوط الغسل عما تحته الجبيرة، وكذا رواية الجرح، مضافا إلى عدم معلومية كونه مكشوفا أو مجبرا، وأيضا هو لا يثبت في غير الجرح من الجبيرة إلا بضميمة فتاوى الأصحاب من عدم الفرق بينهما، والموجود فيها الوجوب، كل ذلك مع الاجماع المنقول المستفيض، بل والمحصل المؤيدين بالاحتياط وغيره، وما سمعته من عبارة الصدوق (رحمه الله) لا ظهور فيها في تلك، بل هي ظاهرة في عدمه، على أنها رواية غير عامل بها، لذكره أولا ما أفتى به، ولذا لم ينسب إليه أحد الخلاف في ذلك، مع أن خروجه غير قادح في الاجماع.
ثم إن ظاهر ما سمعته من الأدلة من الاجماع وغيره الاكتفاء بمسح الجبيرة، وأنه لا يجب غسلها مع التمكن منه، بل عدم الاجتزاء به لو وقع من دون مسح أو معه بدون قصده فضلا عن وجوبه، وعن العلامة في نهاية الإحكام احتمال إيجاب أقل مسمى الغسل، واستجوده بعض من تأخر عنه. قلت: وكأنه لمكان قيام الجبيرة مقام البشرة، فيجب فيها ذلك، وما في الروايات من الأمر بالمسح يراد به المسح اللغوي، أي يمر يده بعد أن يبلها بالماء بما يتحقق به ذلك على الجبيرة، ولا يجب عليه تطلب ما تحت الجبيرة، بل يصدق على هذا الفرد من الغسل أنه مسح عرفا، لكن مراده لا يخلو من إجمال، لعدم العلم بأن مراده بايجاب أقل مسمى الغسل عدم الاجتزاء بالمسح وبغيره من أفراد الغسل أيضا، لأنه أقرب إلى المسح من غيره، أو يريد أن ذلك أقل الواجب، وإلا فيجزئ غيره، وجهان، وكذا كلام من تسمعه ممن مال إلى مقالته، ولقد أطال الأستاذ الأكبر في شرح المفاتيح في تأييد هذا القول وتسديده، ومما قال: