أنه نقل عن المجلسي في وجيزته وأبي الحسن في بلغته أنه ممدوح، وفي السند من أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه، فلا يقدح ضعف من بعدهم على وجه، على أنا في غنية عن ذلك، لانجبار السند بما سمعت كانجبار الدلالة، إذ الأصحاب لم يقتصروا على الثلج، بل أطلقوا الضرورة، وكأنهم فهموا منه أنه مثال، وبذلك كله يقيد ما دل على النهي (1) عن المسح على الخف، وأنه لا رخصة في المسح عليه، فما في المدارك - من أن أبا الورد مجهول، والانتقال إلى التيمم والحال هذه محتمل، لتعذر الوضوء المتحقق بتعذر جزئه، والمسألة محل تردد - لا يخفى عليك ما فيه، على أنك قد عرفت من تتبع كثير من أدلة هذا الباب أنه لا يسقط الوضوء بتعذر شئ من الأجزاء كما عرفته في الأقطع وغيره، بل ربما يظهر أن ذلك قاعدة في كل ما يستفاد وجوبه من الأمر ونحوه لتقييده بالقدرة قطعا حينئذ، فتخص بذلك قاعدة سقوط الكل بتعذر الجزء، على أن شمول أدلة التيمم لمثل المقام ممنوع، لا أقل من الشك، ولا ريب أن الترجيح لما نحن فيه من الاجماع وغيره، فتأمل جيدا. نعم قد يقال بايجاب الجمع بينهما مع الغض عن الترجيح بما ذكرنا من الأدلة.
ثم قد عرفت أن كلمة الأصحاب مطلقة في الضرورة، بل هي معقد ما سمعت من الاجماع الذي لا ينافيه قول البعض عقيب لفظ (لضرورة) كالبرد وشبهه، لظهور إرادته من ذلك التمثيل لا لاقتصار على هذا الصنف من الضرورة، فحينئذ ينبغي القول بالاكتفاء بالمسح على الخف مخافة عدو دنيوي أو ضيق وقت أو نحو ذلك، بل لعل قوله (عليه السلام) في الرواية: (إلا من عدو) يشمل الدين والدنيا، فيكون الأول من قسم التقية، والثاني من الضرورة، وإن كان العمدة في تعميم مسمى الضرورة إطلاق معقد الاجماع المنقول، وإلا فاستفادة ذلك من النص في غاية الاشكال، ولذا كان الاحتياط بالتيمم مع الوضوء في غير الضرورة التي اشتمل عليها النص متجها.