مفصل الساق والقدم، وهو قول محمد بن الحسن الشيباني، وكان الأصمعي اختار هذا القول " وقال النيشابوري في تفسيره: إن الإمامية وكل من قال بالمسح ذهبوا إلى أن الكعب عظم مستدير تحت عظم الساق حيث يكون مفصل الساق والقدم، والمفصل يسمى كعبا، ومنه كعوب الرمح لمفاصله، ثم نقل في الأربعين جملة من كلمات أهل التشريح مما يدل على ذلك، ونقل جملة من كلام أهل اللغة في تسمية المفصل كعبا، قال في الصحاح: " كعوب الرمح النواشز في أطراف الأنابيب "، وقال في المغرب:
" الكعب العقدة بين الأنبوبتين في القصب " وقال أبو عبيدة: " هو الذي في أصل القدم ينتهي إليه الساق بمنزلة كعاب القنا " ونقل فخر الرازي في تفسيره أن المفصل يسمى كعبا، وقال في القاموس: " الكعب كل مفصل للعظام، والعظم الناشز فوق القدم " فظهر من ذلك أن ما اعترض به على العلامة من أنه لم يقل به أحد من الخاصة ولا من العامة ولا من أهل اللغة كلام خال عن الاستقامة، إلى أن قال: ثم إني والله لشديد التعجب من أولئك الأعلام كيف زلت أقدام أقلامهم في هذا المقام حتى زعموا أن ما قاله العلامة مما لم يقل به أحد من الخاص والعام انتهى ملخصا.
قلت والانصاف يقضي بأن التعجب منه أشد والقسم على ذلك آكد، فإن فيه (أولا) أن كلام العلامة بمعزل عما ذكر، وكيف وقد عرفت أنه (رحمه الله) صرح تصريحا غير قابل للتأويل بكونه عبارة عن المفصل، وقد سلم هذا المأول أنه من جملة معاني الكعب وذكر جملة من أهل اللغة وغيرهم ممن نص عليه، وجعله ذلك من التجوز لعلاقة القرب أو الحال أو المحل في غاية البعد، إذ لا إشارة منه في جميع كتبه إلى شئ من ذلك، وكيف يحتمل أن العلامة يريده ويتكل على التعبير عنه بمثل ذلك اللفظ الموهم لخلاف المراد مع أنه ليس في كتب أهل اللغة إشارة إليه، بل هو شئ ذكره أهل التشريح، كلا إن ذلك لا يقبله من له أدنى مسكة. و (ثانيا) دعوى تنزيل كلمات الأصحاب عليه التي قد عرفت اشتمالها على الأوصاف التي كادت تكون صريحة في عدمه من النتو، وكونه في