بعد تعذر الحقيقة تحمل على أقرب المجازات، فيراد منها حينئذ أنه لا يقع المس من غير الطاهر، فالكل مكلفون بذلك لأنفسهم وغيرهم، إلا أن الأقوى العدم للأصل، مع المنع من كونه منافيا للتعظيم عرفا، سيما بعد فرض كون المس كالبهيمة، ولا شرعا لعدم ما يدل عليه، على أنه لا دليل على وجوب أكمل التعظيم، نعم تحرم الإهانة والاستحقار، وهما غير متلازمين، ودعوى أن مس الطفل المحدث ونحوه من المجنون وغيره منه ممنوع، وظهور قوله: (لا يمسه إلا المطهرون) بعد صرفه عن ظاهره في إرادة التكليف للبالغ مثلا نفسه كما في غيره من التكاليف، مع السيرة القاطعة في سائر الأعصار على خلافه، بل الأمر بتعليم الأطفال قراءة القرآن مما يشعر بالجواز، لكونه من ضرورياته عرفا، سيما مع القول بأن طهارتهم تمرينية لا شرعية، ومن هنا اختار بعض المتأخرين عدم الحرمة، لكن في الحدائق أن القول بالحرمة لا يخلو من قوة، نظرا إلى عموم الأدلة على التحريم، وعدم توجه الخطاب فيها إلى الطفل لما ذكرنا لا ينافيه التوجه إلى وليه، وفيه أن عدم المنافاة لا يقتضي بالتوجيه، والكلام في الثاني، واحتمال عموم الأدلة بهذا المعنى مما لا وجه له، وإلا لجرى في غيره من التكاليف كالكذب والغيبة ونحوهما.
ثم المدار في المس على العرف كما في غيره من الألفاظ، والظاهر تحققه بمباشرة بعض أجزاء البدن من يد أو غيرها مما حلته الحياة أولا، نعم يمكن استثناء الشعر سيما إذا كان مسترسلا جدا، كما أن الظاهر أنه لا فرق بين الظواهر من البدن والبواطن، وكل ما شك في كونه فردا للمس لشك في المفهوم فالأقوى وجوب اجتنابه للمقدمة، وأما المس بخارج البدن كالثياب ونحوها فلا حرمة فيه قطعا، وإجماعا محصلا ومنقولا، والمدار في الممسوس على ما يسمى قرآنا أي مقروءا، تحققت فيه الكتابة كما في أكثر الأفراد أولا، كما إذا صنع بالمقراض أو بالنسج ونحو ذلك، فإن الظاهر عدم تسمية مثل ذلك كتابة، ولا ينافيه وجود النهي عن الكتابة، لعدم التعارض، واحتمال