الصحيحة (1)، ويقتضيه عموم لا يطل دم امرئ مسلم المروي في المعتبرة (2)، ورواية أبي الورد المعتبرة برواية الحسن بن محبوب عنه وهو ممن أجمع على تصحيح ما يصح عنه العصابة: رجل حمل عليه رجل مجنون بالسيف فضربه المجنون ضربة فتناول الرجل السيف من المجنون فضربه فقتله، فقال: أرى أن لا يقتل به ولا يغرم ديته وتكون ديته على الإمام، ولا يطل دمه (3)، ونفى عنه البأس الصيمري في شرح الشرائع، قال: والمشهور سقوط القود والدية معا، لأن الدفع إما مباح أو واجب، فلا يتعقبه ضمان (4).
وفي هذا الدليل ما ترى، لأن مقتضاه نفى الأمرين عن القاتل لا مطلقا.
وقريب منه الاستدلال بنصوص الدفع لعدم معلومية شمول إطلاقها لمحل البحث، بل ظاهرها كون الحكم بالهدرية مقابلة للمحارب ومؤاخذة له بماله من القصد والنية، وليس ذلك في المجنون بلا شبهة، وجواز دفاعه إنما هو لأجل حفظ النفس المحترمة، لا المؤاخذة له بالقصد والنية، فلا غرر في وجوب الدية لدم المجنون، لأن نفسه أيضا محترمة، حيث لم يستصحبها فساد قصد ونية، والشارع لما رخص في إتلافها من غير تقصير من جهتها تداركها بالدية.
فالقول بثبوتها لا يخلو عن قوة، سيما مع استفادته مما عرفت من المعتبرة بالصحة والقريب منها بما عرفته، وإن وقع الاختلاف بينها بدلالة الصحيحة بكونها في بيت المال، والقريبة منها بكونه على الإمام، لكن الجمع بينهما ممكن، بحمل الأخيرة على الصحيحة، والعكس وإن أمكن إلا أنه مع بعده لا قائل به، مع استلزام ترجيح ما ليس بحجة على الحجة. وهو فاسد بالبديهة.