رجل ضرب رأس رجل بمعول فسالت عيناه على خديه فوثب المضروب على ضاربه فقتله، وأجاب (عليه السلام) بأن هذين متعديان جميعا فلا أرى على الذي قتل الرجل قودا لأنه قتله حين قتله وهو أعمى والأعمى جنايته خطأ إلى آخر ما مضى. وهو ظاهر في كون القتل عمدا من وجوه شتى.
منها قوله: فقتله بعد أن أعماه الظاهر في ذلك بمعونة الغالب.
ومنها قوله (عليه السلام): هذان متعديان، والتعدي لا يجامع قتل الخطأ كما هو ظاهر.
ومنها تعليله (عليه السلام): نفي القود بوقوع قتله حال العمى لا كونه خطأ، ولا تلازم بينهما جدا، مع كون قوله: «والأعمى جنايته خطأ، الخ» تتمة التعليل، ولو كان المراد التعليل بالخطأ للغا ذكر الأعمى، لعدم اختصاص عدم القود بالخطأ به قطعا.
وبالجملة لا ريب في ظهور دلالتها كما فهموه حتى المعترض أيضا، حيث نفى الصراحة دون الظهور. وهو كاف سيما بعد أن انضم إليه الرواية الثانية الصريحة، مع قرب الظهور من الصراحة بمعونة ما عرفته من القرائن الظاهرة غاية الظهور القريب من الصراحة، بل لعلها سيما الأخيرة منها صريحة.
وأما الثالث: فمتوجه إن وافقنا الجماعة على كون الآحاد غير مخصصة للعمومات القطعية، وإلا - كما هو الظاهر وفاقا للأكثر - فغير متوجه والتحقيق في الأصول.
وأما الثاني: فلأن خروج بعض الرواية عن الحجية وشذوذها من جهة لا تستلزم خروجها عنها بالكلية، وشذوذ الروايتين إنما هو من غير جهة الدلالة على كون عمده خطأ، بل من الجهة المتقدمة وإحداهما غير الأخرى.
وخروجهما عن الحجية بالجهة الأخيرة غير مستلزم لخروجها عنها في الجهة الأخرى، كما عرفته.
وحيث ثبت بهما كون العمد خطأ، ثبت كون الدية على العاقلة، لعدم