وينبغي تقييد الضرب بما إذا كان عبثا كما في الرواية الأولى، وإلا فلو قصد الدفع لم يكن ضامنا قطعا، للأصل، وخصوص الخبر: عن رجل كان راكبا على دابة فغشى رجلا ماشيا حتى كاد أن يوطئه فزجر الماشي الدابة عنه فخر عنها فأصابه موت أو جرح، قال: ليس الذي زجر ضامنا إنما زجر عن نفسه (1). ونحوه آخر (2).
هذا، مضافا إلى إطلاق النصوص بعدم الضمان بالدفاع أو فحواها.
ثم إن مقتضى التعليل لضمان ما تجنيه باليدين في الصحيحين (3) ثبوته فيما تجنيه برأسها أيضا، بل مطلق مقاديم بدنها التي هي قدام الراكب، سيما أعاليها، لثبوت الحكم فيها مع ذلك بطريق أولى، وعليه أكثر أصحابنا، وفاقا للمبسوط (4).
وعن الخلاف (5) الاقتصار على اليدين جمودا فيما خالف الأصل على مورد النص، ولأجله تردد الماتن في الشرائع إلا أنه اختار ما اخترناه، قال:
لتمكنه من مراعاته (6). وهو حسن، ومرجعه إلى ما ذكرنا.
واعلم أن هنا نصوصا دالة بإطلاقها على عدم الضمان بجناية الدابة، إما مطلقا كما في القوي: العجماء جبار (7) وغيره: بهيمة الأنعام لا يغرم أهلها شيئا، أو ما دامت مرسلة (8) كما في المرسل (9)، فمع ضعف أسانيدها محمولة على ما إذا فلتت عن صاحبها من غير تفريط منه في حفظها،