مشكل وإن صح سندها، لكونها قضية في واقعة لا عموم لها، فيحتمل اختصاصها بواقعة اقترنت بأمور أوجبت الحكم بما فيها.
وبنحو هذا يجاب أيضا عن الرواية الأخيرة لو سلم سندها، والشهرة ليست بحجة بنفسها ما لم تكن إجماعا، أو تقترن برواية واضحة الدلالة وإن كانت ضعيفة، وليست كسابقتها هنا كما فرضنا، ولذا استوجه الفاضل في التحرير الرجوع إلى الأصول في هذه الواقعة لو اتفقت في زماننا (1)، وهو خيرة شيخنا في الروضة أيضا، حيث إنه استوجه أولا رد الروايتين لما مضى بزيادة دعواه اشتراكا في راوي الأولى، ثم قال: وحيث يطرح الخبران فالمتجه ضمان كل دية من أمسكه أجمع لاستقلاله بإتلافه، انتهى (2)، واحتمله الماتن في الشرائع (3) والفاضل في القواعد (4) والإرشاد وغيرهما (5)، وقالوا بعده:
وإن قلنا بالتشريك بين مباشر الإمساك والمشارك في الجذب كان على الأول دية ونصف وثلث وعلى الثاني نصف وثلث وعلى الرابع ثلث لا غير، وإنما لم يذكر هذا في الروضة (6) لضعفه عنده، بل وعندهم أيضا كما يظهر منهم جدا.
واعلم أن حكمهم على كل منهم بالدية لمجذوبه إنما يتم لو كانت جنايتهم عمدا أو شبيهه لا خطأ. ويضعف بأن ما صدر عنهم من الجذب إنما هو من حيث لم يشعروا به لما اعتراهم من الدهشة، فهو كانقلاب النائم على من قتله فلا يكون عمدا ولا شبيهه، وبذلك صرح جماعة رادين به من ضعف الرواية الثانية في حكمها بأن الدية على العاقلة، بناء على زعمه كون الجناية فيها عمدا أو شبيهه، وعلى هذا فمقتضى الأصول أخذ الدية من العاقلة.