وقد لا تقف عندها، بل تندرج في طريق الاستكمال بالحركة الجوهرية، إلى أن يفاض عليها صورة أخرى، فيقف عند الصورة النباتية.
وقد تتجاوزها إلى صورة الحيوانية، فتقف عندها.
وقد لا تقف عندها أيضا، بل تفيض عليها صورة الإنسانية التي ينتهي إليها العالم الطبيعي، وهي أكمل الموجودات الكونية؛ ولذا كان الإنسان أشرف المخلوقات الكونية.
ولعل المراد بقوله تعالى: (خلق الإنسان ضعيفا) (1) هو أنه كان الإنسان في ابتداء أمره وخلقه هيولى صرفة وقوة محضة، فقد رقيت في طريق الاستكمال وقطع المنازل، إلى أن أفيضت عليه صورة الإنسانية.
والحاصل: أن الهيولى قد تقطع جميع المراحل والمنازل الطبيعية بالحركة الجوهرية، وتصل إلى صورة لا تكون فوقها صورة طبيعية - وهي الصورة الإنسانية - وقد تقف دونها فقطعها المراحل طويل وقصير.
فلو أريد: حكاية الواقع وإراءته على ما هو عليه فالحاكي عما لا تقف بصورة، بل لا بشرط عن تطورها وتصورها هو اللا بشرط. والحاكي عنها بلحاظ وقوفها بصورة يقال لها بشرط لا.
فظهر: أن العناوين والمفاهيم هي ترسيم الواقع وتبيين صورته؛ فالعنوان الحاكي عما هو الساري اللا بشرط عن تصورها بصورة يعبر عنها ب " اللا بشرط "، والحاكي عنه بلحاظ وقوفها عند صورة " بشرط لا ".
فاللا بشرطية أو البشرط اللائية تابعة للواقع وحاكية عنه. فالأجناس والفصول مأخذهما المادة والصورة المتحدتان في نفس الأمر.