إذا تمهد لك ما ذكرنا: ففيما نحن فيه - أي في العناوين الاشتقاقية - لا تكون الماهية مصححة للحمل بمجرد اعتبار المعتبر اللا بشرط جزافا، بل إنما هو لأجل أنها حاكية لحيثية بها صار المشتق قابلا للحمل، بعدما كان نفس الحدث غير قابل له وغير متحد مع الذات في نفس الأمر.
فصحة الحمل وقابليته في المشتق تابعة لحيثية زائدة على نفس الحدث المدلول عليه بالمادة.
فتحقق: أنه يكون لكل من المادة والهيئة معنى غير ما للآخر: أما المادة فدلالتها على نفس الحدث، والهيئة فتدل على معنى آخر به صار مستحقا للحمل، وهذا غير التركيب الانحلالي.
فظهر بما ذكرنا كله: أن القول بكون المشتق بسيطا محضا لا يقبل الانحلال ساقط، كما أن القول بكونه مركبا تركيبا نظير تركيب " غلام زيد " باطل.
فالحق: أن في المسألة في الواقع ونفس الأمر قولا واحدا؛ فمن قال بالبساطة الحقيقية أو قال بالتركيب الحقيقي فقد أخطأ، فتدبر.
فبعد أن ظهر لك أن مفهوم المشتق واحد انحلالي: يقع الكلام في أنه هل ينحل إلى الذات والحدث والنسبة، أو الحدث والنسبة، أو النسبة والذات؟ فنقول:
اختار المحقق العراقي (قدس سره) - بعد ذكر أقوال في المسألة، وأنهاها إلى أربع (1) - أن المشتق عبارة عن الحدث المنتسب إلى ذات ما؛ بمعنى أن الحدث