فالتحقيق أن يقال: إن المشتقات الاسمية - كأسماء الفاعل والمفعول والزمان والمكان وغيرها - موضوعة لمعنى واحد قابل للانحلال إلى معنون وعنوان.
ولتوضيح ذلك ينبغي تقديم مقدمة: وهي أنه تارة يراد التعبير عن ذات الشيء، للفظ الحاكي عنه اسم الذات كالجوامد. وأخرى يراد التعبير عن نفس اللفظ الحاكي عنه اسم الوصف، ك " الضرب " فإنه اسم لنفس الوصف من حيث هو هو.
وثالثة يراد الحكاية عن الذات بما أنها موصوفة بصفة.
فاللفظ الحاكي عن معنون هذا العنوان - لا مفهوم المعنون - هو المشتق؛ فإن الضارب - مثلا - لفظ يحكي عن معنونية زيد - مثلا - وفاعليته بعنوان المادة التي فيه - وهي الضرب - فالضارب - مثلا - يحكي عن المعنون بعنوان الفاعلية، والمضروب يحكي عن المعنون بعنوان المفعولية، وهكذا...
فعلى هذا: لم تكن المشتقات أسام الذات، ولا أسامي الفعل والوصف، بل للمعنون بالعنوان.
فأحسن التعبير الحاكي عن هوية حالها: ما هو المعروف بين أهل العربية؛ فإنهم يعبرون عن المعنون بعنوان الفاعلية باسم الفاعل، وعن المعنون بعنوان المفعولية باسم المفعول، وهكذا اسمي الزمان والمكان وغيرهما؛ بداهة أن الضارب - مثلا - اسم للمعنون بعنوان الفاعلية، لا الذات ولا العنوان، وهكذا المضروب والمضرب.
إذا أحطت خبرا بما ذكرنا: يظهر لك لافرق بين الجامد والمشتق، ك " الحجر " و " الضارب " مثلا.
فإن لفظ " الحجر " بسيط؛ دالا ومدلولا ودلالة غير قابل للانحلال، وانحلال الحجر إلى المادة والصورة إنما هو بلحاظ ذات الحجر وماهيته، لا للفظ الحجر.
وهذا بخلاف " الضارب " فإنه يفيد معنى واحدا قابلا للانحلال إلى المعنون