فتحصل: أنه لا يمكن انفكاك كل من المادة والهيئة عن الأخرى؛ فلا يصح وضع المادة في ضمن الهيئة الموضوعة، أو بالعكس.
نعم، يمكن تصوير ذلك بأحد الوجوه:
إما بأن يقال: إن المشتقات في ابتداء الأمر كانت جامدة؛ بأن وضعت لفظة " الضرب " مثلا لمعنى كما وضعت " الإنسان " لمعنى، ثم بمرور الزمان وتوفر الدواعي وكثرة الاحتياج إلى تفهيم المقاصد والمطالب وتفهمها وجدت الاشتقاقات.
أو يقال: إن المادة وضعت أولا في ضمن هيئة غير موضوعة، ثم وضعت الهيئة في ضمن المادة الموضوعة.
أو يقال بالعكس؛ بأن وضعت الهيئة أولا في ضمن مادة غير موضوعة، ثم وضعت المادة في ضمن الهيئة الموضوعة، هذا.
وحيث لم يكن لنا طريق إلى معرفة كيفية الوضع في ابتداء الأمر فإذا أريد إفادة المادة بمعناها في تطورها بكل هيئة من الهيئات - من غير تجريد ولا زيادة - فلا مناص إلا أن يقال: إن الواضع تصور المادة في ضمن هيئة ما، وجعل الهيئة آلة للحاظ المادة المجردة عن جميع الجهات إلا كونها متوالية، فوضعها للمعنى الحرفي اللا بشرط الساري في الهيئات.
وبما ذكرنا ظهر: أنه لا يصلح أن يكون المصدر أو اسمه أو الفعل مبدأ الاشتقاق؛ وذلك لأن كلا منها له هيئة وصورة، ولا يمكن أن يقبل الصورة صور أخرى (1).