منه إلى زماننا، بل معناه: أن للإنسان في عمود هذه الأزمان مصداق في الخارج.
ولا يخفى: أن هذا الوجه عبارة أخرى من الوجه السابق، ولكنه بوجه معقول فلسفي، وقد عرفت ضعفه، إجماله: أن الآنات متصرمة، والآن الذي وقع فيه الحدث قد تصرم، والآنات المتبادلة لا استقرار لها.
ومنها: ما أفاده بعض المحققين (قدس سره) من أن الزمان هوية متصلة باقية عرفا وعقلا:
أما بقاؤه عرفا فواضح.
وأما عقلا: فلأنه لو لم يكن باقيا بالوحدة الوجودية يلزم تتالي الآنات، واستحالته معلومة مقررة في محله، كاستحالة الأجزاء الفردية والجزء الذي لا يتجزئ.
فمع بقاء الزمان عرفا وعقلا فإذا وقعت حادثة في قطعة منه يصح أن يقال: إن الوجود الباقي تلبس بالمبدأ وانقضى عنه. فكما إذا وقع العقل - مثلا - في حد من حدود يوم يرى بقاءه إلى الليل متلبسا بالمبدأ ومنقضيا عنه مع بقائه، فكذلك يطلق المقتل على اليوم بعد انقضاء التلبس، كإطلاق العالم على زيد بعد انقضاء العلم (1).
وفيه: أن العرف - كالعقل - كما يحكم بالوحدة الاتصالية للزمان يرى له تجدد وتصرم وانقضاء. فللزمان هوية اتصالية متصرمة متقضية؛ فإذا وقعت حادثة في جزء منه - كما إذا وقعت في أول النهار - لا يرى زمان الوقوع باقيا وقد انقضى عنه المبدأ، بل يرى انقضاءه، نعم يرى اليوم باقيا. وكم فرق بينهما! والمعتبر في بقاء الذات في المشتق هو الأول، وقد عرفت عدم بقائه، دون الثاني.
وبالجملة: البقاء الذي يعتبر في المشتق هو بقاء الشخص الذي يتلبس بالمبدأ عينا، وهو غير باق في الزمان، والبقاء التصرمي التجدد التجددي لا يدفع الإشكال، فتدبر.