الإشكال الرابع: هو أن لازم كون كل واحد منهما موضوعا بوضع مستقل للمعنى هو التركب في المشتق؛ بحيث تدل هيئته على معنى مستقل، ومادته على معنى آخر كذلك، مع أنه لم يلتزم أحد - حتى القائلين بتركب المشتق بذلك؛ لأنهم لم يقولوا بدلالة المشتق على معنيين متعددين مستقلين غير مركبين.
والجواب عن الإشكالين يتضح بعد بيان مقدمة، وهي: أن لوضع المشتقات ودلالتها وكيفية لطبيعتها شأنا ليس لغيرها؛ وذلك لما عرفت أن هيئة المشتق لا تنفك عن المادة، كما أن مادته لا تنفك عن الهيئة، فكأنهما تركبتا معا؛ تركيبا اتحاديا. فالمشتق شئ واحد مركب، فدلالته أيضا كذلك؛ أي تدل على معنى واحد مركب.
وسيظهر لك جليا: أن شأن المركب بين التركيب والبساطة؛ لا يكون مركبا بحيث تكون هناك دلالتين مستقلتين، ولا بسيط، كهمزة الاستفهام. بل كما أن وضع كل من المادة والهيئة وضع تهيئي لازدواج الأخرى، ومعناهما مزدوج بالأخرى، فدلالتهما أيضا كذلك.
فالمشتق شئ واحد ينحل بحسب العقل إلى شيئين، فتكون لفظة واحدة تقبل الانحلال إلى المتعدد ومعنى فاردا إلى معنيين، فله دلالة واحدة تنحل إلى دلالتين ومدلولين كذلك.
إذا تمهد لك ما ذكرنا: يظهر لك ضعف كلا الإشكالين:
لأن إشكال الأول إنما يرد إذا لم يكن وضع كل من المادة والهيئة وضعا تهيئيا لازدواج الأخرى به، فإذا كان وضع كل منهما وضعا تهيئيا لازدواجها مع الأخرى فتكون لدلالة كل منهما ضيق ذاتي، فلا مجال لتوهم دلالة كل من المادة والهيئة في ضمن الأخرى لو كانت مهملة.
وأما الإشكال الثاني فإنما يتوجه إذا كان لكل منهما دلالة مستقلة، وقد عرفت: أن المشتق لفظ واحد ومعنى فارد ودلالة واحدة، لكنه قابل للانحلال.