" التراب أحد الطهورين " (1)، فيستكشف من ذلك عن وجود أمر متعلق بالطبيعة المتقيدة بالطهارة الترابية - مثلا - فيلزم وجود أمرين تعلق أحدهما بالصلاة المتقيدة بالطهارة المائية للمختار، وتعلق الآخر بالصلاة المتقيدة بالطهارة الترابية للمتعذر، هذا.
وحيث إن المختار - كما سيجيء - إمكان جعل الجزئية والشرطية والمانعية فلا وجه للتصرف في أدلة الجزئية والشرطية والمانعية وصرفها عن ظاهرها.
فإذن: ليس هنا إلا أمر واحد تعلق بطبيعة الصلاة - مثلا - وإنما القيود من خصوصيات المصاديق؛ إذ قوله تعالى: (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل) (2) يدل على وجوب الصلاة في هذا الوقت المضروب لها، ثم دل دليل على اشتراطها بالطهارة المائية حال الاختيار، وعلى اشتراطها بالطهارة الترابية عند فقدان الماء؛ بحيث يكون المأتي بالشرط الاضطراري نفس الصلاة التي يأتيها المكلف بالشرط الاختياري بلا اختلاف في المتعلق والصلاة والأمر.
كما هو ظاهر قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين...) إلى أن قال سبحانه: (فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا) (3).
فإن ظاهرها: أن العبارة التي سبق ذكرها في صدر الآية واشترطت بالطهارة المائية يؤتى بها عند فقد الماء متيمما بالصعيد، وأنها في هذه الحالة عين ما تقدم أمرا وطبيعة وماهية.