والمقصود والتصديق بفائدته مع مباد آخر علة لانقداح الإرادة في لوح النفس، والمأمور به بوجوده الخارجي معلول للإرادة، فلا يعقل أن يكون المعلول بوجوده الخارجي طاردا لوجود علته.
وغاية ما يمكن أن يقال في سقوط الإرادة والأمر عند حصول المراد والإتيان بالمأمور به، هو الذي اختاره سماحة الأستاذ - دام ظله - في الدورة السابقة، وحاصله: هو انتهاء أمد الإرادة والأمر بإتيان المأمور به، لا أن لهما بقاء والإتيان دافع لها ومعدم لهما كما هو قضية العلية.
وذلك لأن الأمر بشيء لابد وأن يكون للوصلة إلى غرض وجهة منظورة وإلا لم يصح منه الأمر، والأمر طريق ووصلة يتوصل به المولى إلى نجاح غرضه، وواضح أن غرضه كان محدودا بحد خاص، فإذا أتى العبد المأمور به بتمامه فيحصل به الغرض، وبعد حصوله يسقط الإرادة ويسقط الأمر بانتهاء أمد الغرض.
وبعبارة أخرى: لا اقتضائية للبقاء، لا أن له بقاء والإتيان بالمأمور به قد رفعها وأعدمها كما هو الشأن في العلية والمعلولية، هذا.
ولكن عدل عنه - دام ظله - في هذه الدورة، وقال: إنه أيضا لا يخلو عن نظر؛ وذلك لأن الأمر كما لا يدعو إلا إلى متعلقه فكذلك لا يدعو إلى قيد زائد غير ما أخذ في متعلقه. فإذا أتى العبد بتمام ما أمر به فيحصل الغرض، فتنفذ الإرادة، ولا يوجب الإتيان شيئان في الأمر اللفظي ولا الكتبي؛ بأن يسقطهما، وهو واضح:
أما في الأمر اللفظي: فلوضوح أنه تدريجي الوجود، ولا يوجد حرف منه إلا بعد انعدام الحرف السابق، فقبل الإتيان به معدوم، فما ظنك بإتيان المأمور إياه؟!
وأما الكتبي: فالبداهة قاضية بأن الإتيان بالمتعلق لا يسقط المكتوب، فهل ترى أن الإتيان بالحج - مثلا - يسقط قوله تعالى: (ولله على الناس حج البيت من