وبالجملة: إنما يصير البحث لفظيا إذا كان البحث في دلالة اللفظ على معناه، وواضح أن مسألة الإجزاء لم تكن كذلك، كما أن مسألة اجتماع الأمر والنهي لم تكن مسألة لفظية - وإن ذكرت في مباحث الألفاظ - بل من المسائل العقلية الصرفة؛ ولذا يصح النزاع في ذلك، وإن كان كل من الأمر أو النهي بغير اللفظ، كالإشارة. وكذلك البحث في مقدمة الواجب لم يكن لفظيا، وإن كان قريبا منه، كما سيجيء فارتقب.
فتحصل مما ذكرنا: أن مسألة الإجزاء لم تكن مسألة لفظية محضة، بل إما عقلية محضة أو من مباحث الألفاظ على بعض الوجوه، فتدبر.
فالأولى في عقد عنوان مسألة الإجزاء بنحو جامع بين الأقوال أن يقال: " إن الإتيان بالمأمور به على وجهه مجز، أم لا؟ " يحدان كلمة الاقتضاء، وإطلاق العنوان يشمل إجزاءه على أمره أو عن أمر غيره. ثم يذكر أدلة القائلين بالإجزاء - من حكم العقل والعقلاء ودلالة الألفاظ - فيكون هذا نظير ما يقال في مسألة حجية خبر الواحد بعد عنوان المسألة: بأنه يدل عليها الأدلة الأربعة من الكتاب والسنة والعقل والإجماع.
فعلى هذا: تكون مسألة الإجزاء أمرا جامعا بين اللفظية والعقلية، ويحتمل كليهما، كما كانت مسألة الخبر الواحد محتملة إياها، فتدبر.