العلل التكوينية ومعاليلها، فكذلك في العلل التشريعية، فيجب إتيان المأمور به فورا. وأما إذا لم يأت به فورا وتخلف المعلول عن علته فلا يمكن أن يستفاد وجوب إتيانه في ثاني الزمان وهكذا، كما لا يخفى.
وأما لو استفيدت الفورية من الآيتين ونحوهما - على تقدير تمامية الدلالة على لزوم إتيان المأمور به فورا - فنقول: إما أن يحرز تقييد هذه الأدلة الأدلة الأولية من وجوب الصلاة والحج ونحوهما، أو مجرد عدم تقييدها للأدلة الأولية، وغاية ما في الباب هي أنها بصدد بيان المطلوب الأعلى والآكد. أو لم يحرز شئ منهما.
وعلى أي تقدير: إما يكون للأدلة الأولية إطلاق، أم لا.
فإن أحرز كون الفورية قيدا للأدلة الأولية - سواء كان لها إطلاق أم لا - فلا يمكن استفادة لزوم إتيانها فورا بعد أن تركها في أول الأوقات، بل لا يكون مطلوبا في ثاني الأوقات وثالثها وهكذا.
وإن أحرز عدم كون الفورية قيدا لها، أو شككنا في التقييد فإن كان للأدلة الأولية إطلاق فيؤخذ به ويرفع الشك بسببه. ومقتضاه لزوم الإتيان بالمأمور به فورا ففورا.
وذلك لأنه بمقتضى أصالة الإطلاق تكون ذات الصلاة - مثلا - موضوعة للحكم وخيرا في عمود الزمان، ولم تكن خيريتها مخصوصة بأول الوقت. وهذه الأدلة دلت على لزوم إتيان الخير وسبب المغفرة فورا؛ فيلزم الإتيان بالمأمور به في ثاني الوقت، ولو ترك ففي ثالث الوقت، وهكذا.
وأما إن لم تكن للأدلة الأولية إطلاق، وشك في التقييد فلم يكن هناك محلا لأصالة الإطلاق. ولكن الاستصحاب جار ومنقح لموضوع الدليل الاجتهادي.
مثلا: إذا قال الآمر: " أكرم العالم " ولم يكن له إطلاق يؤخذ به في صورة الشك في بقاء علمه، فيستصحب بقاء علمه. ومقتضاه تنقيح موضوع قوله: " أكرم العالم ".