وذلك لأنه إن أريد به: الكفاية - كما صرح (قدس سره) بأنها معنى الإجزاء هنا - فواضح أن الكفاية لم يكن أمرا موجودا في الخارج ليتأثر عن إتيان المأمور به، ولم يكن إتيان المأمور به في الخارج محدودة مؤثرا فيها، بل هي أمر اعتباري بمعنى سقوط الإعادة في الوقت والقضاء في خارجه. بل الكفاية عنوان انتزاعي بحكم العقل والعقلاء منتزع من إتيان المأمور تمام ما أمر به، وواضح أن العلية والمعلولية لم تكونا في الأمور الاعتبارية، فضلا عن كونهما من الانتزاعيات. ولعله (قدس سره) لم يرد بالعلية والتأثير ما هو الظاهر من كلامه، بل أراد بهما المعنى المقابل للكشف والدلالة، فتدبر.
وإن أريد بالإجزاء: سقوط الإعادة في الوقت والقضاء خارجه - وواضح أن التعبير بالسقوط مسامحي؛ لأن المراد عدم التكليف بالإعادة أو القضاء، كما لا يخفى - فالمحذور أفحش؛ لأنه مضافا إلى أنه لا معنى للتأثير والتأثر اللذين يكونا في الأمور التكوينية بالنسبة إلى إتيان المأمور به بلحاظ سقوط الإعادة أو القضاء، يلزم أن يكون الأمر الوجودي - وهو الإتيان - علة للأمر العدمي، وهو محال في التكوينيات، فما ظنك هنا؟! فلم يكن الباب باب التأثير والتأثر.
وبالجملة: لا يصح أن يراد بالاقتضاء العلية والتأثير على ما هو المعروف بين أرباب المعقول؛ لعدم كون إتيان المأمور به في الخارج بحدوده وقيوده مؤثرا في الإجزاء؛ سواء كان الإجزاء بمعنى الكفاية كما عليه المحقق الخراساني (قدس سره) وقد عرفت ضعفه أو أريد منه سقوط الأمر بالإعادة أو القضاء؛ لما أشرنا من عدم كون الإتيان علة مؤثرة في سقوط الأمر، كما أن السقوط والإسقاط ليستا من الأمور القابلة للتأثير والتأثر.
أو أريد منه سقوط الإرادة، فكذلك بل الأمر فيه أوضح؛ ضرورة أنه لا يصير إتيان المأمور به علة لانعدام الإرادة وارتفاعها؛ لأن تصور المراد بما أنه الغاية