كلمة الشهادتين أو التوبة أو أداء الفرائض أو غيرها؛ فلا يصح استفادة لزوم إتيان مطلق الواجبات فورا، كما لا يخفى.
ويؤيد ما ذكرنا: اختلاف المفسرين في معنى المغفرة؛ حيث احتملوا أن يكون المراد بالمغفرة كلمة الشهادتين، أو أداء الفرائض كما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، أو خصوص الصلوات الخمس، أو التكبير الأول من الجماعة، أو الصف الأول منها، أو التوبة، أو الاستغفار، أو الجهاد، أو الإخلاص، أو الهجرة قبل فتح مكة، أو متابعة الوصول، أو أداء الطاعات (1).
فإن التردد والاختلاف شاهدا صدق على عدم استفادة العموم من المغفرة، وإلا لما كان وجه لمقابلة بعض هذه المعاني لبعض، كما لا يخفى.
ولا يخفى: أنه على تمامية دلالة الآيتين لم تكن الفورية مدلولة عليه ومستفادة من لفظ الأمر، بل من دليل خارجي.
ولو سلم تمامية الدلالة: يتوجه عليه إشكال القوم؛ من أنه لا يكون لنا واجب يلزم إطاعته فورا، ولو كان فإنما هو أقل قليل، كصلاة الزلزلة وصلاة الكسوفين في بعض الأحيان، مع أن لزوم الفورية فيها بدليل خارجي.
أضف إلى ما ذكرنا: أن الخيرات تعم المستحبات؛ فيلزم تخصيص الأكثر.
فيدور الأمر بين ذلك وبين أن يكون مراده تعالى في الآية المباركة إفادة حكم إرشادي أن ترك الخيرات في أوائل أوقاتها والإهمال بها في أول زمان تعلق التكليف بها يوجب خسارات وضايعات؛ فربما يقضي إلى ترك الواجب.
وواضح: أن الأخير أولى، بل ارتكاب تخصيص الأكثر مرجوح، فتدبر.