إليها لفاتت منه بإتيان غيره، وذلك مثل الواجبات الكفائية. فلا يمكن استفادة وجوب إتيان مطلق الواجب الشرعي فورا من هذه الآية المباركة.
إن قلت: على هذا يلزم تخصيص الخيرات بالخيرات التي موردا للمسابقة - كالواجبات الكفائية - مع أن ظاهر الخيرات أعم منها ومن الواجبات التي لم تكن موردا للمسابقة، كالواجبات العينية.
قلت: محذورية ذلك إنما هي إذا لم تكن هناك قرينة على التخصيص، ومادة الاستباق قرينة على التخصيص.
ولو سلم ارتكاب خلاف الظاهر، ولكن ارتكاب هذا الخلاف أهون من رفع اليد عن ظاهر مادة الاستباق.
وبالجملة: يدور الأمر بين رفع اليد عن ظاهر مادة الاستباق وإبقاء الخيرات على ظاهرها، وبين إبقاء مادة الاستباق على ظاهرها والتصرف في الخيرات واختصاصها بواجبات تكون لها معرضية للاستباق. والتصرف في الخيرات أهون بحسب الظهور العرفي من التصرف في مادة الاستباق، كما لا يخفى.
وإن أنكرتم ظهور مادة الاستباق فيما ذكرنا، ولكن لا يمكن تحكيم ظهور الخيرات عليه. فعلى هذا: تكون الآية المباركة مجملة لا يصح الاستدلال بها للزوم إتيان كل خير واجب فورا، فتدبر.
هذا كله في آية الاستباق.
وأما آية المسارعة؛ فلأن أصل باب المفاعلة أن يقع بين شخصين يفعل أحدهما بالآخر ما يفعل الآخر به. فإن كانت كلمة " سارعوا " في الآية المباركة باقية على أصلها فالكلام فيها الكلام في آية الاستباق.
وإن لم تكن باقية على أصلها فنقول: لم يكن للمغفرة فيها عموم وإطلاق بلحاظ توصيفها بالنكرة، بل المراد منها المغفرة الخاصة؛ من كونها