جواهر الأصول - تقرير بحث السيد الخميني ، للنگرودي - ج ٢ - الصفحة ٢٦٤
وبالجملة: فكما أن العلة التكوينية لا تنفك عن معلولها في الخارج، فكذلك العلة التشريعية تقتضي عدم انفكاكها عن معلولها في الخارج. فلا يصح التمسك بإطلاق الأمر للتراخي، ولا التمسك بالبراءة العقلية لنفي الفورية (1).
1 - هذا حاصل ما أفاده سماحة الأستاذ - دام ظله - في مقال أستاده العلامة الحائري (قدس سره).
ولكن حيث إن ما ذكره العلامة الحائري (قدس سره) في قضاء الفوائت من " كتاب الصلاة " لا تخلو عن فوائد، ومتعرض لبعض مطالب أخرى أحببنا إيراد نص ما ذكره هنا؛ حتى تكون على بصيرة من مقاله:
قال (قدس سره): إن الأمر المتعلق بموضوع خاص غير مقيد بزمان، وإن لم يكن مدلوله اللفظي ظاهرا في الفورية، ولا في التراخي. ولكن لا يمكن التمسك به للتراخي بواسطة الإطلاق، ولا التمسك بالبراءة العقلية لنفي الفورية.
لأنه يمكن أن يقال: بأن الفورية وإن كانت غير ملحوظة للآمر قيدا للعمل إلا أنها من لوازم الأمر المتعلق به؛ فإن الأمر تحريك إلى العمل، وعلة تشريعية، وكما أن العلة التكوينية لا تنفك عن معلولها في الخارج، كذلك العلة التشريعية تقتضي عدم انفكاكها عن معلولها في الخارج، وإن لم يلاحظ الآمر ترتبه على العلة في الخارج قيدا.
وهذا نظير ما اخترناه أخيرا في باب تداخل الأسباب: أن الأصل عدم التداخل؛ فإن السببين وإن كانا واردين على الطبيعة الواحدة لكن مقتضى تأثير كل واحد منهما أن يوجد وجود خاص مستندا إليه.
كما أن مقتضى سببية النار لإحراق ما تماسه تحقق الاحتراق المخصوص المستند إلى النار. وإن تعدد النار المماسة لجسم آخر - مثلا - يتحقق احتراق آخر مستند إلى النار الأخرى، وإن كان هذان الوصفان - أعني الاستناد إليها، وكون الاحتراق الثاني احتراقا آخر - غير مستندين إلى تأثير السبب [1]، انتهى. [المقرر حفظه الله].
[1] الصلاة، المحقق الحائري: 573.