لما لا يمكن بيانه - بل يكون بعض أدلتها على وزان حكم العقل بالبراءة؛ لقوله تعالى: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) (1)؛ وقوله: " الناس في سعة ما لا يعلمون " (2).
ولا شك في عدم اختصاص المستفاد منهما للبراءة عما يصح البيان والوضع، بل المراد منهما: أن العذاب على ما لم تقم عليه الحجة ليس من دأبه تعالى، وإن كان عدم قيامها لعدم الإمكان، وحيث إن قصد الامتثال مما لم تقم عليه الحجة على وجوبه فالناس في سعة عدم الوجوب ونفي الكلفة الزائدة.
وواضح: أن هذا اللسان لسان البراءة العقلية ويجزم به؛ لأن عدم البيان المأخوذ في حكم العقل بقبح العقاب معه أعم من أن يكون لعدم الإمكان، أو لعدم البيان مع إمكان البيان.
وبالجملة: مفاد حديث " ما لا يعلمون " وإن كان مخصوصا بما يمكن وضعه وبيانه؛ فلا يعم المقام، إلا أن قوله تعالى: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا)، وقوله: " الناس في سعة ما لا يعلمون " على وزان حكم العقل بالبراءة العقلية؛ فيعم المقام، فتدبر.
وثانيا: لو سلم كون مستند البراءة الشرعية خصوص حديث الرفع، ولكن نقول: إن المرفوع إما خصوص المؤاخذة - كما ذهب إليه شيخنا الأعظم الأنصاري (قدس سره) (3).