وأما مقام الإثبات وإظهار أن المطلوب نفس الطبيعة أو المتقيدة بقصد الأمر فلابد من دال يدل عليه.
وحيث إن القيود على قسمين:
قسم منها قيود ما هوية ومن مقومات ذات الطبيعة؛ وهي الأجزاء، كالحيوان والناطق بالنسبة إلى الإنسان، وكالتكبير والقراءة والقيام والركوع والسجود والتشهد، إلى غير ذلك من الأجزاء بالنسبة إلى الصلاة.
وقسم آخر قيود خارجة عن قوام الماهية، ولكن تكون دخيلة في المصلحة، وهي الأكثر.
أما القسم الأول: فحيث إن القيود دخيلة في ماهية الشيء فكما أن تصورها بتصور الماهية، بل هي عين تصورها، فكذلك الدال على نفس الطبيعة دال عليها أيضا، ولا يحتاج إلى لفظ آخر غير ما يدل على أصل الطبيعة للدلالة عليها.
وأما القسم الثاني: فحيث إنها خارجة عن قوام الماهية فلابد من لفظ يتكلف لإفادتها.
فحينئذ حيث إن التكبير والقراءة ونحوهما من أجزاء ماهية الصلاة - مثلا - فالبعث إليها بعث إليها أيضا.
وأما الطهارة وسائر الشرائط: فحيث إنها خارجة عن ماهيتها وإن كانت دخيلة في قوام المصلحة فلا تكاد تدعو وتبعث الأمر بالصلاة إليها من مجرد اللفظ الدال عليها، بل لابد من لفظ آخر يدل عليها. وحيث إن قصد الأمر والإطاعة ونحوهما كالطهارة خارجة عن قوام الصلاة ودخيلة في المصلحة فلابد في مقام الدلالة من لفظ يدل عليها؛ بأن يقول بصل مع قصد الأمر، ولا يلزم من ذلك محذور أصلا.
فإذا أحطت خبرا بما ذكرنا ينقدح لك: أن إشكال مفسدة الدور من تقدم الشيء على نفسه مندفع من رأس؛ لعدم الفرق في أخذ العناوين العرضية،