وفيه: أنه يمكن دفع الإشكال ولو لم نقل بالانحلال، كما سيظهر لك. ولكن لا بأس بدفع الإشكال بحذافيره من جميع النواحي:
فنقول من رأس:
إما نقول بانحلال الأمر المتقيد إلى أمرين: أمر بالطبيعة وأمر آخر بالطبيعة المتقيدة، كما يراه المحقق العراقي (قدس سره).
أو لم نقل بالانحلال كذلك، كما يراه المحقق الخراساني (قدس سره).
فإن لم نقل بالانحلال فالإشكال:
إما من ناحية عدم إمكان أخذ القيد الكذائي في المأمور به.
أو من ناحية أن الأمر حيث يكون له داعوية ومحركية تكوينية يمتنع أن يكون له داعوية كذلك.
أو من ناحية الامتثال.
والإشكال بحذافيره غير وجيه:
أما إشكال عدم إمكان أخذه في المأمور به: فقد عرفت لعله بما لا مزيد عليه: أن أخذها بمكان من الإمكان، والمحقق الخراساني (قدس سره) أيضا يرى إمكانه.
وأما حديث داعوية الأمر محركيته التكوينية فواضح أن الأمر لا داعوية له ولا محرك تكويني، وإنما هو أمر اعتباري، ومعناه ليس إلا الإنشاء والبعث الاعتباري على طبيعة متقيدة. نظير البعث بالإشارة؛ فكما يمكن الإشارة إلى طبيعة متقيدة فكذلك يمكن البعث إلى طبيعة كذلك.
وبالجملة: لم يكن للأمر داعوية وتأثير تكويني. ولو كان فلم يكن له محركية بنحو العلل الخارجية، نظير الحركات والعلل التكوينية، وإلا يلزم أن لا يتحقق العاصي في الخارج.
فمراد من قال به: هو أنه لو تصور فائدة الأمر وصدق بفائدتها واشتاق إليها أحيانا وأرادها يأتي بها.