فغاية ما يقتضيه الأمر والبعث هي إيجاد الداعي لإتيان المكلف، ولإتيان العمل مبادئ مضبوطة، كالخوف من النار، والرغبة في الجنة، إلى غير ذلك.
وبالجملة: ليس للأمر داعوية تكوينية، وغايته أنها اعتبارية، ومعناها ليس إلا إنشاء البعث.
فداعوية الأمر إنما هي من دواعي المكلف إلى إتيان العمل، ولإتيان العمل وإتيانه دواعي مقررة؛ من الخوف عن النار، والفوز بالجنة، وحبه تعالى ووجدانه أهلا للعبادة، إلى غير ذلك من المبادئ.
فظهر: عدم تمامية الإشكال من هاتين الناحيتين؛ بقي الإشكال من ناحية الامتثال.
فنقول: إن الأمر المتعلق بعنوان بسيط؛ سواء كان المتعلق بسيطا أو مركبا، ولا يكاد يسري تركب المتعلق إلى الأمر حتى ينحل الأمر بعدد أجزاء المتعلق وشرائطه، بل إنما له دعوة واحدة إلى متعلقه، ويكون البعث متوجها إليه فقط.
مثلا: لو أمر المولى عبيده ببناء مسجد يكون له أمر واحد بسيط متعلق بعنوان واحد كذلك، من دون أن يكون له انحلال بعدد اللبنات والخشبات والرواشن والأحجار وغيرها.
نعم، كيفية امتثال ذلك الأمر البسيط بجمع تلك الأمور ووضعها على كيفية مناسبة.
فالأجزاء غير ملحوظة عند الأمر ببناء المسجد، بل وكذا عند الإخبار عنه، كقولك: إن هذا المسجد أعظم من ذاك أو أحسن، بل قد لا يعلم أجزاؤه.
وبالجملة: لو تعلق أمر بطبيعة - سواء كانت بسيطة أو مركبة - فلا يكاد يدعو إلا إلى نفس ما تعلق به، من دون أن ينحل إلى أجزائها أو إليها، وإلى شرائطها.
نعم، كيفية امتثال التعلقات مختلفة؛ فإن كانت بسيطة فواضحة، وأما إن كانت