جوازا لا عكسا، وإلا لكان حكم النظر إليهما منعا أخفى من حكم النظر إلى الوجه والكفين كذلك جدا. وهو مخالف للبديهة قطعا، لاتفاق المسلمين على ثبوت المنع في النظر إليهما مطلقا، وخفاؤه في النظر إلى الوجه والكفين، بحيث ذهب الأكثر إلى حله في الجملة أو مطلقا.
ويدل على أوضحية حكم النظر منعا منه كذلك في الوجه والكفين أيضا تجويزهم النظر إليهما لمريد التزويج المتمكن منه، واختلافهم في تجويزه إلى الشعر، كما مضى. وليس هذا إلا لما ذكرنا، كما لا يخفى.
ولو لم يكن في المسألة دليل على الجواز غير فحاوي هذه الأخبار لكفانا، لحصول الظن القوي - القريب من القطع - بكون الحكم فيها الجواز.
فلا ينبغي أن يرتاب فيه، وإن كان الأحوط الترك مهما أمكن، من باب التسامح في أدلة السنن.
هذا، مضافا إلى النصوص الواردة في كتاب الحج في باب ما يجوز أن تلبسه المحرمة من الثياب، وهي كثيرة.
منها الصحيح: مر أبو جعفر (عليه السلام) بامرأة متنقبة وهي محرمة، فقال:
أحرمي وأسفري وأرخي ثوبك من فوق رأسك، فإنك إن تنقبت لم يتغير لونك، فقال رجل: إلى أين ترخيه؟ فقال: تغطي عينها، الحديث (1).
والصحيح: تسدل الثوب على وجهها، قلت: حد ذلك إلى أين؟ قال: إلى طرف الأنف قدر ما تبصر (2).
والخبر - الضعيف بسهل، الذي ضعفه سهل -: مر أبو جعفر (عليه السلام) بامرأة محرمة قد استترت بمروحة فأماط المروحة بنفسه عن وجهها (3).
والأمر بالإرخاء في الأول والسدل في الثاني للرخصة، لعدم القائل