بوجوب ستر قدر ما أمر فيهما بستره قطعا.
وهذه النصوص - سيما الأخير والأول من حيث التعليل - ظاهرة في عدم تستر تلك النسوة بشئ آخر غير ما تسترن به، من كجاوة ونحوها.
وهذا أيضا مما يدل على ما قدمناه من أشدية حكم الشعر منعا من حكم الوجه جدا، كما لا يخفى.
ومما ذكر ظهر وجه اندفاع المناقشات في هذه الأدلة.
والاستدلال للجواز بإطباق الناس على خروج النسوة مسافرات غير موجه، كالاستدلال للمنع باتفاقهم من منع خروجهن غير مستترات، لمخالفتهما الوجدان، لاختلاف الناس في الزمان، فبين من يجري على الأول، ومن يحذو حذو الثاني. وتزيد الحجة على الثاني باحتمال استناده إلى الغيرة، أو لاحتجاب من الناظر بشهوة، الغير الحاصل إلا به مطلقا، ويشاركه في الضعف باقي أدلته، كعمومي: " ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن " (1) و " يغضوا من أبصارهم " (2) لتخصيصهما بما ظهر من الأدلة، مع إجمال الثانية، مع عدم المبين لها سوى الإجماع المنحصر بيانه في القدر المتفق عليه، ولا كلام فيه، وحديث الخثعمية (3)، إذ لا دلالة فيه عليه لو لم يدل على الجواز.
وكذا غير ما ذكر من الأدلة، التي أجبنا عنها في رسالة مفردة في المسألة، مضافا إلى ندرة القول بالمنع مطلقا، لعدم نقله إلا عن التذكرة (4) وفخر الدين (5) وإن مال إليه بعض من تأخر عنهما (6). وقيل: بالجواز مرة والحرمة ثانية (7)، لأخبار أكثرها ضعيفة السند قاصرة الدلالة، كالمعتبر منها.