لكنه - لو تم - فعدم فعلية استناد العدم لوجود المانع لا ينافي كونه في مرتبة علة العدم ومتقدما عليه، فإذا كان المانع هو الضد كان متقدما رتبة على عدم ضده فيستحيل توقفه على العدم المذكور، لاستلزام تقدم المتأخر، وهو لا يقصر عن محذور الدور. والى هذا أشار المحقق الخراساني قدس سره بامتناع توقف الشئ على ما يصلح لان يتوقف عليه.
ثالثهما: أن عدم الشئ وان كان يكفي فيه عدم تمامية أجزاء علته ولو بتخلف بعضها، الا أن استناده إلى كل جزء منها ليس في عرض واحد، كي يلزم عدم الجميع الاستناد لعدم الكل، بل استناده لبعضها متقدم رتبة على استناده للاخر، فهو في الرتبة الأولى يستند لعدم المقتضى، فان وجد المقتضى استند لعدم الشرط الوجودي، فان وجد أيضا استند لوجود المانع، ولا يستند لوجود المانع في ظرف عدم المقتضى أو الشرط. ولذا يستهجن عرفا تعليل عدم الاحراق - مثلا - مع عدم النار، أو عدم قربها من الجسم برطوبة الجسم.
وحينئذ فكون كل من الضدين مانعا من الاخر انما يقتضى استناد وجود الضد لعدم ضده، لأنه من أجزاء علته، ولا يقتضى استناد عدم الضد لوجود ضده، بل في فرض عدم مقتضى الضد الاخر أو عدم شرطه يستند عدمه لهما، في فرض وجودهما يمتنع وجود الضد الأول، لامتناع وجود مقتضيي الضدين مع أقوائية كل منهما وسائر شروط تأثيرهما الوجودية - كالقدرة في الأفعال الاختيارية - بل لابد من ارتفاع مقتضى أحدهما أو ارتفاع شرطه الملازم لارتفاعه، فيوجد الضد الاخر، ولا يستند عدمه لوجود الضد في حال. وربما يحمل على ذلك كلام الخونساري، وان كان ظاهره ما تقدم.
ويشكل.. أولا: بما عرفت في سابقه من أن عدم فعلية استناد عدم الضد لوجود ضده لا ينافي تقدم وجود ضده عليه رتبة بعد فرض مانعيته وكون العدم المذكور من أجزاء علة الوجود، فيلزم تقدم المتأخر.